الثلاثاء، 22 أبريل 2014

رحلة حج مع الفوتبولجي





قرر "برهوم " الصغير ورفيقه على مقعد الدراسة "ايليا الفوتبالجي" ان يسيرا صبيحة الجمعة العظيمة درب الجلجلة فيصعدا الطريق الوعرة والضيقة الملتوية الى قمة جبل حيث يستقر الاخ "برنار" وديره المطل على العالم والقابع على اميال من السماء كما ساد الاعتقاد في "كفرنسيان".  ارادا ان يتشبها، عشية تلك الليلة المباركة، بالناصري الذي كان ايضا صاعدا الى "اورشليم العلوية".  علّهما يلتقيان به على الدرب، فيتسامران معه، ويسألاه تلبية بعض طلباتهما المزمنة.   هدف "الفوتبالجي" كان النجاح في المدرسة.  وذلك كي يفلت من عقاب والده، الذي كان يقول عنه بانّ رأس الصبي  كرة قدم.  فقد كان كزيتون "كفرنسيان" لا يثمر الا كل سنتين.  وقد مكث في كل صف سنتين على الاقل حتى تعرف على كل الاجيال الطالعة في تلك الانحاء.  فكان ان اضحى التلميذ الاكبر في كل المدرسة.  فوجب عليه زيارة الاعتاب المقدسة واضاءة كمية لا يستهان بها من الشموع على ادراج المقامات لضمان التخرج من مدرسة "كفرنسيان" الرسمية.   وهدف "برهوم" من مشوار الحج كان التهام البيض المقلي البلدي الذي كان يعده الاخ "برنار" وكسب  التأييد الشعبي.  كي يقال عنه بانه قد تاب واضحى نقيا وتقيا. 
واضاء "الفوتبالجي" درج الكنيسة القديمة كلها.  وضرب على صدره حتى كاد يموت.  ولولا وجود "برهوم" لكان كسر اضلاعه.  التهم الولدان البيض المقلي وعادا الى الديار.
وكان سلوك تلك الدرب في ذلك اليوم يعتبر تعبيرا عن التوبة.   انتظر "برهوم" ان يبادر الناس اليه في طريق العودة  لتحيته كحاج تائب الا انّ هذا لم يحصل.  فأهل كفرنسيان لم ينفكو ينظرون اليه، ويرمقونه بنظراتهم.  كيف لا وهو قد انكبّ على اغتيال حيواناتهم الاليفة قنصا ببندقية صيد ورثها عن المرحوم جده ؟؟  فثيابه كانت ثياب مسافر هام لساعات على دروب شاقة.  اما عيناه فلا.  فقد عاد من رحلة الحج المضنية الى "مار يعقوب" من غير ان يتوب.  
ولم ينجح "الفوتبلجي" في الامتحانات على عكس "برهوم".  حزن جدا.  وعاد الى دير الاخ "برنار" معاتبا،  وصرخ باكيا:" انا قد أضأت يا مار يعقوب درجك كله شموعا.  اما برهوم فلم يضئ لك حتى شمعة واحدة.  ايعقل ان يتفوق هو وان ارسب انا؟؟  انك عن حق غير عادل".   وترك "الفوتبلجي" مدرسته واضحى من اهل فريق البرازيل في كرة القدم.  وصار يتفاخر بابن خال والده الغني والمعروف ويجاهر بولائه له.  اضحى يعيش نجاحات واخفاقات فريق البرازيل.   انضم بالكلية الى عوالم غير واقعية يشاطرها انجازات يعجز شخصيا عن تحقيقها وذلك مخافة ان ينتفض على واقعه.   
كان "ايليا الفوتبولجي" واحدا من صبيان "كفرنسيان" المنقسمين حول عوالم الخيال.   وقد شاطرهم في معرفة عوالمهم قادتهم الذين ارادوا لهم ان يناموا ويبحروا بعيدا عنهم.   كان هذه في "كفرنسيان"، وكفرنسيان كانت العالم.         

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق