الاثنين، 29 يوليو 2013

المتسولة

 
بقلم مازن ح. عبّود
 
هل ابصرت يوما طيف امرأة مطروحة تستجدي في مكان ما من مطارحك، فحدقت بها فجذبك اليها عمق المعاناة؟؟ هل رأيت في عينيها الاحباط والقرف والخوف والغضب الساكت حتى الموت؟؟  ما وجدت في فسحات وجهها اثرا "للغازبروم" المستشرسة في سوريا لحماية اسواقها الاوروبية من مخاطر مشروع انانيب النفط القطرية التي ستعبر ولو على اجساد الناس مرورا بتركيا الى اوروبا.  ما وجدت اثرا لابار النفط العراقية؟؟ عثرت في وجهها على ندوب البعث والجيش الحر وجبهة النصرة.  كانت هي قارورة الاحزان.  اضحت امرأة بلا سقف وبلا رجل وبلا وطن.  فقد كان لها بيت وزوج وارزاق وعمل وعائلة.  لكن ليس بعد اليوم؟؟ تبا للقدر الذي اقعدها وطفليها في زاوية من محلة "الكسليك" ترمي على الناس ثمرات حزنها، سائلة رحمة من لدن العلي. 
حزينة انت سوريا، فقد صرت ساحة للعبة الامم بعد ان كنت اللاعب في مطارح الشرق.  كيف استويت بالارض التي يخرج منها الناس والشياطين والقديسون على حد سواء؟؟  عبثي القدر الذي ان اقام الناس ينتفخون، وان اوقعهم يزحفون!!  مساكين البشر فهم للحكام والاذكياء والمقتدرين!!  يلهون بهم.  يلعبون بهم حتى الموت.  تبا للذكاء الذي ان حلّ في نفوس بلا روح،  يجعلها اسلحة فتاكة تنتفخ فتدمر الارض وتجعل من الناس ارقاما وادوات.  تبا للنظام العالمي الجديد ولكل الظلم والانظمة والغاصبين.  محظوظة هي البهائم لانها لا تدرك.  محظوظة هي لانها لا تعرف ان بعض الناس يمسي اوحش من الهررة البرية.  فتلك تقتل كي تأكل.  اما نحن فلكي نقتل وببساطة.  رأيت الناس، في عيون تلك المتسولة لرحمة ربها، تصرخ.  عاينت الحقول تحرق ومواسمها تتلف امام اصحابها الجياع المحاصرين في بيوتهم.  ما هذا الغي؟  ما هذا الظلم؟؟ ما هذه الظلمة يا الهي؟؟ رأيت الناس تظلم تحت ما تدعي بأنه جبة الله.  سمعت النساء تصرخ وتغتصب تحت عباءته.  سمعت صلوات وادركت اصواما الا اني ما وجدت محبة.  ما وجدت رحمة.   بل ظلمة ونارا وغيا.  سمعت الشياطين تقول: "من ليس معنا هو علينا".  مساكين اولئك القوم أ الى اين يرحلون او مع من يكونون؟؟ قل لي ما عسى الخيار يكون ما بين الموت والموت؟؟
عيون تلك المرأة ابكتني وضرجتني بدموعي.  فمن يفتقد في ارضها المسكين والارملة والثكلى والكهل والمعذب؟؟ ظالمة هي الحياة.  وجاحد هو الطمع.  وقاتلة هي السلطة حتى نحر الناس كل الناس.  متى يجلس اهلك يا شام معا فيتحاورون؟؟  هل يحتاجون الى مائة الف قتيل اضافي جديد.  هل يحتاجون الى انبوب نفط من هنا وارضاء لحاكم من هناك؟؟ 
لماذا لا تنفك لعنة النفط تلاحق اهلي اينما ذهبوا؟؟  لعنته صارت حكاما وانظمة.  لعنته صارت ارضا مسلوبة.  لعنته اضحت كرامات انسانية مهدورة وطاقات مستنفذة.  لعنته صارت ارهابا.  
من انت يا متسولة كي تدخليني غمار جهنمك بحزنك ومآسيك؟؟ من انت كي تبكيني وتنزعي عني صفاء روحي؟؟ من انت يا محملة ظلما وحروبا وقهرا يا قابعة عند قرنة عند رصيف ارتاده؟؟ من ارسلك كي يحملني الى ارضك المحروقة حيث الناس تتنفس اوجاعا وتقتات خوفا؟؟ من انت يا انت التي حركت فيّ الانا ؟؟ ارحل ولترحل عني عيناك التي حرمتني متعة صفاء عيني زوجتي العسليتين وجمالها الى عتمة الجحيم والظلم والالم.  دعيني احلم معهما بشرق جديد لا تحكمه شياطين!! دعيني احلم بمشرقي بلا نفط ومصالح!! دعيني احلم به ارضا لابنائي يتلاقون به مع كل الناس.   اعلم بان هذا صعب لكن الممكن يختبأ دوما في اقبية الصعب والمجهول.
 


الخميس، 11 يوليو 2013

الاستقرار وخفض معدلات الخصوبة في مصر



اعتبر الناشط مازن عبّود في بيان له اليوم بأنّ على اي حكومة او حاكم في مصر ان يضع في سلم اولوياته البعيدة المدى خفض معدلات الخصوبة في ذاك البلد اذا ما اراد خفض معدلات البطالة والفقر.  اذ انّ تزايد عدد الاطفال واعداد الشباب العاطل عن العمل هناك يشكل ضغطا كبيرا على البنى التحتية والموارد الطبيعية التي تتدهور ايضا بفعل الاحتباس الحراري.  وقال:"لا بل انّ هذا الواقع هو بمثابة قنبلة موقوتة ستعود فتنفجر في وجه اي حاكم مهما علا شأنه وقدراته وامكانياته". 

الاثنين، 8 يوليو 2013

امي


ولدت جميلة.  ولدت طفلة.  طفلة لم تنل حصتها من الطفولية في منزلها حيث انمحت بفعل وجود عائلات.  كبرت طفلة، فصغرت كبيرة.  علّها تنال ما لم تحظى به.  اوقعتها الايام العجاف في شرك الخوف.  فاقعدها زمانا قبل ان يسلب منها قدرتها على الحركة.  ذاك اللعين الذي ادخلها دائرة المرض منذ صباها.  خافت على فقدان اشيائها.  واشياؤها ما كانت من مادة بل عائلة.  خافت ان تضحي وحيدة في مجاهل العالم حيث لا تشعر بالامان. 
تزوجت ابي عن عشق.  وعقلها لمّا اقترنت به، ما كان قاعدا على قلبها.  جمعهما الانجذاب الجسدي فأثمرت بنين وبنات.  ولمّا ولى العشق. اكتشفت انه من طينة مختلفة لا تتآلف مع طينتها.  فبدأ مشوار العذاب. استسلمت للاحباط، ذاك اللعين الذي جرّها الى المرض. 
فامي لا تحب المواجهة. تكره اخذ القرارات مخافة اللوم والفشل.  هي الطفلة الكبيرة التي تحاول استرجاع طفوليتها المسلوبة.  صادقت الحزن والاسى.  واستثمرت في بنيها وبناتها.  ارادتهم ان يكونوا مميزين.  ارادت ان ينتفضوا على الظلم. 
ما اقتنت والدتي الفرح، مخافة فقدانه.  اضحت تعشق العذاب، فعاقرها.  عاشت ناسكة في منزلها.  ازدرت بالملبس والمأكل والمناسبات غير العائلية.  حنونة امي الصغيرة لكن على طريقتها.  فاظهار المحبة للمحبوب، فضيحة.  
احبت العلم لاولادها،ووضعت كل ما تملك على اقدامه.  كيف لا وهي المربية التي احبها تلامذتها، حيث ما حلت!!  شرّبت النشأ الطموح مع الدروس، والكفاح مع الحراك.
توكلت على ربها.  الا انها ما سألته ان يحررها من سجن خوفها وهربها من ماضيها.  لم تتقبل مرضها على الرغم من انها خضعت له حتى المساكنة.  احبته لانه عتيّ.  ومن ثمّ فانه قد اقعدها ووضعها في دائرة الاهتمام.  معه ما عادت ممحية بل تظهّرت حتى العذاب. 
افتقدها الرب بمحبة امها وحماتها لما قسى الزوج عليها.  فذاقت كؤوس المرارة واحتستها بصبر.  صبرت حتى عيل الصبر من صبرها.  فالى اين ترحل؟؟ وماذا تصنع باولادها؟؟  قبلت الظلم خوفا من المجهول.  رفضت الفضيحة.  فالتسريبات ممنوعة.  وما هو خارج حوائط عالمها المحصن كان مخيفا.    
كانت تسر بأولادها من حولها، تطهو لهم.  كانت تفرح بهم كدجاجة تحتضن فراخها.  ارادت لهم ان يكبروا لكن من دون ان يتركوا حرم المنزل حيث كانت سلطانة على طريقتها.  حكمت على طريقتها.  وهي حكيمة.  الا انها ترى العالم على طريقتها.  تراه غابة يحكمها وحوش.  اما دارتها فالواحة.  لذا فانها لا تريد لبنيها وبناتها ان يخرجوا اليه مخافة ان يلتهمهم ذاك الذي التهم صحتها وطلتها.  هي تؤمن.  احبت ان نكبر في الكنيسة التي ما ترددت هي عليها الا نادرا. .فهي لا تحب خارج المنزل.  وتكره التغيير.  فالتغيير يستولد الخوف عندها، الخوف من المسؤولية، ومن الفشل، ومن المجهول. 
ما صادقت جسدها بل صارعته.  امضت حياتها تعمل.  فالدقيقة التي ترحل لا تعود.  مازال صدى كلماتها يطن في رأسي :"اقتل الوقت قبل ان يقتلك".  والوقت لا يقتل بحسب امي الا بالعمل الدؤوب.  وما عدا ذلك، فهوان وسقوط.  ما كانت تسمح لنا ان ننام بعد نهوض الشمس.  فالموتى وحدهم ينامون بعد ذلك.  ننهض مع الشمس ونخلد معها هكذا هي القاعدة.  محافظة هي.  ومحبة على طريقتها. 
امي يا ملاكي القابع في سريره والذي يرى العالم من غرفته، احبك.  امي يا امرأة قستها الحياة حتى المرارة، فنزعت منها فرحها.  افرحي لانّ هدفك قد انجز. 

امي يا طفلة حكيمة في ثياب امرأة، مازلت تسكنين فؤآدي، ملهمة ومرشدة. علمتني ان الحياة مشوار.  وبأنّ لا مكان للهوان لانّ الهدف معروف.  وانا اعرف هدفي اليوم تماما واعمل له.  امي يا امرأة تقهر الجسد.  وتعتبر بأنّ قوة المرأة ليس في حسنها وثيابها بل في ثباتها وصبرها وتضحياتها تحية لك.  تحية من ولد متمرد، كان يوما صغيرا.  وهو لا ينفك يكون في يقينك طفلا يمسك هدب ثوبك يختبئ خلفه اذا ما حزن او خجل.