الاثنين، 16 سبتمبر 2013

في جمهورية دوما وفيلم جورج حداد




 كلمتي في العرض الاول لفيلم جورج حداد "دوما في الفصول الاربع" 

15/9/2013

اهلا وسهلا في جمهورية دوما الغافية حكايات في بالي والمشيدة عند قمم الخيال عمارات تحملني الى النجوم، الى حيث انتمي في كوكب المريخ البعيد عن واقع لبنان وسوريا وكل المشرق.  دوما يا جمهورية النكتة.  دوما يا جمهورية طفولتي واحلامي وخيباتي ومرارتي.  اعشقك وقد صنعت منك في بالي عالمي الخاص.
اهلا وسهلا بكم في دومتي التي بزغت يوما كحكاية قصبة مشرقية.  وها انّ المشرق يكاد ينهار من معلولا بعد ان تداعى من القدس والاسكندرية وكل مدائنه الجميلة.   يؤلمني احيانا واقعك.   فارتمي في الخيال او الماضي.  واني اعلم اني اؤلمك احيانا يا دوما يا صغيرتي بخطاياي الصغيرة.  فاللذة والالم وجهان للسقوط.   ذاك الذي اسعى ان انهض منه.  ولمّا اقع أجد نفسي في احضان بعض اناسك الطيبين.   المطلوب اليوم من هنا ان نعرف بأنّنا نكبر على قدر ما نحمل مشكلات من حولنا.  نكبر حين نشارك من نشترك معهم الكأس الواحدة والمصير الواحد المهم.  واني اصلي لمعلولا ولصيدنايا ولكل المشرق واناسه الطيبين من هنا من سينما فؤاد.  اردد ما قاله نسر انطاكيا البطريرك يوحنا  العاشر يازجي في الاردن مؤخرا:" من هذه الارض جئنا، وفيها سنعيش، والى قلبنا سنضم ثراها الطيب  حين نغادر الى الحياة الباقية". 
اعشق ارضك يا دوما عزيزة.  اعشق ارضك لانّ منها جبلت واليها ساعود. من هنا سأطل على الابدية.  وانبعث حيا مع البوق للقاء الديّان.
عمارتك يا عزيزتي جسر يصلني بالماضي.  لا بل اثقال تنهال على رؤوسنا جميعا فتشعرنا بعدميتنا، امام الاجداد.  فجمالك يا عروس ليس من صنعنا.  بيوتك عبق للازمنة التقطتها الامكنة.  بيوتك شهد عسل لاصناف نحل انقرضت مع العولمة والظلم والارهاب والاحتباس الحراري.  بيوتك تذكارات لاناس تحدت الظلم. اناس ارتسم على محياها دفء الخالق.
دوما يا ضيعة رمزا وايفا وسلوى وسارى وكل القديسين والقديسات.   دوما يا امارة شعر توفيق ابراهيم.    يا  منتدى نقولا وميليا خير.  دوما يا مشفى رشيد معتوق.  ويا دكانة جدي حبقوق والعم شفيق.  دوما يا عود جرجي حداد.   وجمال هيلانة الساحلاني وخفة دم الخورية ايفون.   دوما يا طرافة طانيوس نهرا، وطيبة ابراهيم قيامي والياس حنا والمختار.  دوما يا بلدية سليم حنا ونقولا المعلوف.   لا لست المدينة النازلة من السماء كما يقولون!!  لا ولست طالعة من جهنم!!  بل انت الاثنين معا.
عرفتك عبق وحنين اقاصيص حنا ايوب ولهفة اليس شلهوب. 
دوما اشتهيك اناسا تعرف كيف تختلف.  دوما اشتهيك اناسا ترى الاخر بعدسة المحبة والتواضع.  اشتهيك  ان تكوني ما اسعى ان اكون عليه اذا ما استطعت ان اغلب شياطيني. 
مشكور يا جورج لانك ارشفت بعض بشر دوما الجميلة.  فلولاك لكان النوس صورة متحركة قد انقرض الى الابد.  مشكور انت يا جوزيف الساحلاني على دعمك العمل وعلى استضافتك الخير ما بين اضلعك.  مشكور انت يا جوزيف اخ اخي زياد، ابن هيلانة العزيزة ابنة دوما البارة.    انّ حبك لدوما يعرف من افعالك التي هي فعل ايمان.

الأربعاء، 4 سبتمبر 2013

لبنان لا يحتمل أن يكون دارفور ثانية




مجلة وبوابة الكترونية متخصصة بقطاعات النقل واللوجستيات مجلة النقل



مازن عبود: لبنان لا يحتمل أن يكون دارفور ثانية | اقتصاد

حذر الأستاذ المحاضر في التنمية المستدامة مازن عبود من أزمة  اللجوء السورية واصفاً بأنها كارثية وعلينا مواجهتها كي لا يصبح لبنان سوريا اليوم  على كل المستويات، كما أكد على أن لبنان لا قدرة له على مواجهة أزمة  انسانية  بحجم أزمة دارفور مهما فعلت،  وطالب بإجراء اصلاحات  في الجمارك و وقف الهدر
  وفي ما يلي الحديث التالي 

http://www.khabaronline.com/PAD.aspx?Id=2172
هل سيواجه لبنان أزمة  اقتصادية  حادة  في الاشهر القادمة ؟
 
مما لا شك فيه بأنّ اللا استقرار الامني والسياسي المتزايد جراء ما يحدث في سوريا سيرخي بظلاله على كل شيء .  اذ انه لا يمكن فصل لبنان عن محيطه الجغرافي وبخاصة اذا ما تعرضت سوريا الى ضربة في المدى القريب.  وهذا ما ادى وسيؤدي الى تراجع حركة الاستثمارات  وتدهور قطاعي الخدمات والسياحة.  اضف الى ذلك تراجع ادوار الدولة الناظمة والرادعة وهذا ما سينعكس حتما على قدرة الدولة على استيفاء الرسوم والضرائب.  فمجلس الوزراء مستقيل اما مجلس النواب فهو في غالب الاحيان في عطلة ارادية.  فكل هذه المناخات هي بيئة مثالية لتضخم الدين العام وتراجع معدلات التنمية الى الحدود الدنيا.  هناك ازمة  حقيقية في الافق.
 
  ما هي ابرز التحديات الاقتصادية الموجودة امام الحكومة اليوم؟
 
مما لا شك فيه انّ الملف الامني هو التحدي الابرز لاي حكومة.  فلا نمو حقيقي من دون تأمين الحد الادنى من الاستقرار.  كما يعتبرملف النازحين والنفط  ضاغطين وسيحلان ضيفان على كل الاجتماعات الوزارية المرتقبة.
 
هل  هناك  خشية من العودة الى ازمة ارتفاع الدين العام  وفؤائد الاستدانة ؟
 
طبعا هناك خشية من تضاؤل السيولة في خزينة الدولة جراء تباطؤ النمو في البلد وشح المداخيل في ظل تراجع تصنيف لبنان الائتماني.  لذا، فالمطلوب تدابير استثنائية في السياسة المالية وفي اداء بعض اجهزة الادارة لضمان تدفق الحد الادنى من السيولة.
كيف تعيد الحكومة عجلة النمو  وما هي  الاصلاحات الموجب القيام بها؟
 
 المطلوب اجراء اصلاحات في الجمارك ووقف الهدر الحاصل في هذا الجهاز لرفع المداخيل.  وهذا ممكن في حال توفر الارادة السياسية ورفع الغطاء السياسي عن المرتكبين.  فموضوع ضمان تدفق السيولة بالحد الادنى لدفع مستحقات موظفي القطاع العام وتسديد الدين هو ضرورة الضرورات وذلك كي تبقى الدولة قائمة، والا!!!  مشكلة اعادة عجلة النمو صعبة في ظل التدهور الامني الناتج عن النزيف السوري. المطلوب هو منع التدهور حاليا.  والعمل على ترتيب التصدعات الكبرى في البيت الداخلي عبر تشكيل حكومة وحدة وطنية تستطيع ان تشكل حائطا ولو صغيرا في وجه موجات الفلتان وتضمن عدم وقوع البلد في الافلاس.
 
ماهي الأجراءات التي يجب على الحكومة  القيام بها  لكي تريح  القطاعات  والاقتصاد كحد أدنى ؟
المطلوب اليوم العودة الى الحوار وتنظيم الخلاف السياسي في البلد.  لانّ ارتفاع منسوب التصريحات السياسية التي تحوي معدلات كبيرة من العنف الكلامي تؤدي حتما الى خوف المستثمر والسائح والمواطن والى تفلت الشارع.  هذا ما يطلبه الناس من اي حكومة وذلك بغية خلق مناخات عامة اقل سلبية في البلد.
 
تقوم الوزارة  بتوقيع عدة اتفاقيات مع عدة شركات  هل  هذا يخفف من وطأة الأزمة ؟
 
انّ خصصة بعض الخدمات ضرورة لترشيد الادارة العامة وبالتالي ضبط الهدر في بعض القطاعات.  فتلزيم الامن والتنظيف والاستشارات القانونية والتدقيق والمعلوماتية في بعض مرافق الادارة العامة امر مرحب به.  لا يمكن الترحيب بكل العقود.  فكل عقد هو حالة خاصة ويجب درسه وفق المعطيات المتوفرة.  لذا فانه يجب عدم  الوقوع في فخ التعميم في مثل هذه المسائل.
 
ما هي التداعيات ازدياد  النازحين السوريين على لبنان وما حقيقة هذه التداعيات  وكيف تقيمها؟
 
 مما لا شك فيه انّ ازدياد اعداد النازحين السوريين في البلد يشكل قنبلة.  فلا قدرة لدولة مثل لبنان ان تواجه ازمة انسانية بحجم ازمة دارفور مهما فعلت.  لست ادري كيف ومن اين سيتم تأمين هذا الكم من المصادر المالية  لاغاثة المنكوبين وتأمين المساكن والخدمات وفرص العمل لهم.  انّ هذا التزايد في عدد النازحين سيؤدي الى تزايد البطالة والنقمة والفقر.  مما يعني تزايدا كبيرا في معدلات الجريمة والسرقة والفلتان.  لست ادري كيف ستتمكن المستشفيات من توفير الخدمات الصحية لهم مثلا.  وهل انّ البنى التحتية من طرق ومياه وكهرباء وصرف صحي قد صممت كي تستوعب مثل هذه الزيادة.  اني آمل ان تنتهي الازمة السورية قريبا.  كما اني اتمنى ان يكون لاي حكومة خطة واضحة لمواجهة مثل هذه الازمة.  تداعيات ازمة النزوح من سوريا كارثية على الصعيد الامني والانساني والاقتصادي والبيئي والديمغرافي والسياسي والخدماتي.  ازمة يتوجب تسخير كل الامكانات لمواجهتها والا صار لبنان سوريا اليوم على كل المستوابات.
 
ما واقع أنظمة النقل في لبنان وفي المنطقة العربية ودروها في تعزيز الدورة الاقتصادية وهل تعديل قوانين الانتقال بين الدول العربية في المشرق العربي تسهم في هذا التقدم؟
 
 
في الايام العادية اقول يجب حل مشكلة السير في لبنان لضمان معدلات اكبر من النمو.  فعجقة السير المميتة تستنزف معظم وقت الناس واموالها( وقود وسيارات).  لا وجود للنقل العام في لبنان.  انّ الدولة مدعوة للبدء باعداد خطط لاقامة شبكة انفاق مترو تختصر المسافات ما بين المناطق.  كما انّ عجقة السير تؤدي ايضا الى تردي في نوعية الهواء وتدهور بيئي اي الى تراجع في قدرات البلد التفاضلية في المجال السياحي بوجه الخصوص.  اعتقد بأنه من الصعب الكلام اليوم عن خطط النقل في ظل ما يجري اليوم في العالم العربي.  وواقع النقل يختلف بين بلد وآخر وذلك وفق واقعه الاقتصادي( بلد نفطي او غير نفطي).  الموضوع ليس فقط تعديل قوانين بل تغيير في انماط التفكير.  فتعديل القوانين كي يكون مستداما وصحيحا يجب ان يأتي ترجمة لتبدل في افهم العربي لعدد من الامور والمسائل . و يجب ان يقترن بتغيير في انماط حياته كي تكون اكثر رفقا بالبيئة.  وهذا ما بدأنا نشهده لكن بحدود دنيا في بعض الدول كالامارات العربية والكويت مثلا.
 
في  شهر آب تم تطبيق قرار  منع  دخول السورين الى لبنان وترحيل  بعض العمالة الا ينعكس  هذا على الواقع الاقتصادي  بشكل سلبي؟
 
ليس المهم في القرارات انما في التنفيذ.  فلا قدرة للدولة على ضبط حدودها مع سوريا في غالبية الاحيان.  فالنازحون يعبرون الى لبنان ايضا عبر معابر غير شرعية.  واعتقد بأنّ لا قدرة للدولة على طردهم من البلد في مثل هذه الاحوال نظرا للانقسامات السياسية العمودية في لبنان بما يتعلق بسوريا.  لذا، فلا مفاعيل سلبية مباشرة للقرار على الاقتصاد بحسب رأيي
 
مازن عبود أستاذ محاضر في التنمية المستدامة
  • .

الاثنين، 2 سبتمبر 2013

رحلة رجاء في زمن الخوف


 

 

خرج كمن ايقونة يحمل الصليب، الذي نطره شفيعه عند اقدام المعلم عند موقع الجلجة حيث وقف وحيدا هناك مع مريم.  خرج البطريرك الشيخ من قلايته كي يقول للناس، كل الناس، ولأي عائلة انتموا: " بين ال "نحن" وال"انتم"
تذوب الواو.  وتختفي فيبقى انتم نحن، ونحن انتم.  يذيبها تاريخ مشترك.  يذيبها تراث وطني...".  خرج "الحبيب"، ودعا لتغليب رنة المعول على رنة السيف في ارضه الممزقة.  خرج البطريرك مدافعا عن تاريخ وحاضر ومستقبل ارضه.  خرج كنسر يعتصره الالم وفي باله اريج ياسمين دمشقي وعبق ارز من لبنان. 


راح يمشي في بعض مطارحه في نواحي مدينة حمص وومدينتي اللاذقية وطرطوس.  تفقد بعض امكنته، فاسمعها كلاما بطريركيا حرّك فيها حتى الحجارة. 

فرح اناسه لمّا ابصروه آتيا اليهم بتواضعه القمة.  فخرجوا كي يلاقوه بالطبل والمزمار وآلات الطرب.  كيف لا وهو القادم اليهم من عبق الرموز والبخور والتاريخ والقداسة كي يحل ضيفا عليهم باسم الرب؟؟  نعم فقد تحدى سيدنا الخوف في زمن الخوف.  وهو الذي وصل الى مدينة الله انطاكيا وبريتها في زمن الانكسار كي يواجهه ويكسره في سراديبه. 

اتى البطريرك الى شعبه كي يثبته في الرجاء.   انطلق اليهم بعد ان شعر انّ الخوف في مدائن انطاكيا راح يعشعش غربة ومرارة.  فكأنّ نيرون قد استفاق من قبره، او كأن الزمن الذي تكلم عنه الراهب بايسيوس الذي كان رائيا ايضا قد وافى. 

حمل البطريرك عكازه لمّا شعر بذلك.  ومشى في تلك البرية التي قيل بأنها صارت مرتعا للوحوش وواديا للموت.  مشى فيها مختالا يرنم لمريم غير عابئ بمن يقتل الجسد.  وهو يعرف بأنه لن يرحل الى دياره الا عند اتمام المهمة التي دعاه الرب اليها.  اتى شعبه، وهو لم يفارقه اصلا، حاملا اليهم الرجاء.  ففي يقينه انّ البطريرك ليس بطريركا ان لم يكن ابا.  والسيد لا تكتمل سيادته الا بالقداسة. 

اب حقيقي هو لشعبه.  والاباء يحملون هموم الابناء ومصائبهم دون خوف او تردد.  

لمّا وافاهم، خرجوا اليه.  فوجدوه واحة للسلام والرجاء في زمن الحروب والمآسي.  شجاعا عرفوه كأسد.  محبا ادركوه كشمس.  واختبروه مترفعا كنسر.  كان اللاهوت يخرج من عينيه كشهب نار، فتستقر كلماته الالهية في افئدتهم اغذية للروح.   

شعروا بأنه ما كان من لحم ودم على الرغم من جسده.  كم انّ الايقونة ليست خشبا وطلاء فقط.  متقد هو بالمحبة.   وشغوف بالجمال والكمال والالوهة.  انتفض لمّا اسرت كنيسته وغيبت.  فعندما يحتجز حبر ويغيّب، تحتجز الكنيسة جمعاء.  حزنه كان موجعا كصليب.  ورجاؤه واسع كمحيط.  وفي كل مرة كان يتألم، يروح يصلي.  فتزول عنه الهموم وكل الحدود.  فتنقشع الرؤية.  فتبان عليه الكنيسة الحقيقية التي هي موطن الشهداء والمعترفين، فيفرح.   

بداية الرحلة كانت في اللاذقية حيث تربى.  وصل هناك.  وقد كانت امه واهله واناسه بانتظاره.  دقت الاجراس.  علت الزغاريد.  صدحت التغريدات والصلوات.  فحصل عرس كبير في تلك الارض في زمن المآسي.  سرّ كثيرا في مدينته التي حفظها في قلبه عطرا وومضات.  ناداها بابيات، سطّرها بخلجات قلبه ونفحات روحه وملوحة دموعه، قائلا:

"يا لاذقية كم حقول للاله زرعت                      ثم حصدتها اغمارا يا لاذقية               يا لاذقية كم نفوس ظامئات للهدى رويتها امطارا                بوركت يا ارض القداسة والتقى ولتحفظي في رفعة الادهار". 

فتموج بحرها اذ سمعه يخاطبها بعبق المحبة وسحر الايمان. ماجت شوارعا.  كبرت ساحاتها.  اتسعت رقعتها حتى تملّصت اليابسة الى ما بعد الجلد.  ارتكضت العظام في قبورها.  لطمت اليابسة المالح كثيرا ودفعت به بعيدا الى الوراء.  فالمالح لا يؤمن له.  فهو  مسكون شياطينا منذ اقدم العصور.   غدّار هو وقد هجر "افسس" مدينة بولس.  فيتمها وانهاها.  احسّ البطريرك بعبق التاريخ وسحر الانتماء.  عاد الى حيث انتمى.  وقد اضحى اليوم ينتمي الى كل قرنة من قران انطاكيا ومدائنها وبراريها.  احسّ بمحبة اهله.  وقد اضحى له عائلات في كل مطارحه الممتدة حتى نهاية الكون.

واللاذقية كانت بالنسبة اليه، اناسا ومنازلا واما متألمة على ابنها الحبر المغيّب والفخورة بابنها يوحنا الكبير.  كانت اللاذقية لكبار احبار انطاكيا، ذكريات وطفولة وفتاوة ومسيرة على درب السيد.   حيّى البطريرك حبر المدينة شاكرا له فضله عليه وعلى المدينة.  بدا ممتنا له على كل شيئ.  فسيد انطاكيا شكور.  

اكمل رحلته الى ان وصل الى حيث يطرب ان يقيم.  فهو يفرح في الاديار.  فللنسوراوكار، وللسماوات سلالم.  وللكنائس قلب، والاديار قلبها. 

مولع شيخ شيوخ انطاكيا بالنسور وبرحلاتها وعوالمها منذ طفولته.  مولع بالنغمات والتنهدات والصلوات منذ بداياته.  فتلك تحمل العالم الساقط وترفعه الى حيث الوطن الحقيقي.  ترفع الساقط الى الله الذي يستقر في القديسين.  وكان عيد  في دير السييدة بلمانا.  وقد احتفى بقداس  القديسة ماكارينا.  جال في مواقع عدة قبل ان يصل الى طرطوس كي يلتقط فيها بعضا من ماضيه.  وقد ناداها قائلا: " أأستطيعُ أن أنساكِ وأنا مازلتُ أذكرُ عندما كنتُ آتي إليك، وأنا طفلٌ، إلى بيتِ جدّي؟ بوركتم يا أبناءَ طرطوس، بوركتم يا قطعةً من جسد بلادي، بوركتم يا شموساً مضيئةً ... ومن طرطوسَ سلامي لجارتِها وعروسِ شطّها، لأرواد ولسكان أروادَ الأكارم. سلامي لأروادَ الهائمةِ على مياه المتوسط".

وكان حيث ما حلّ يتكلم عن تمسكه بالحوار والحلول السلمية في سوريا.  فالبطريرك يكره الدماء.  ويدعو رعيته الى عدم الانزلاق في العنف والتمسك بأرضها والتفاني في خدمة اخوتها في الوطن. 

وكان يوم جديد.  فحمل البطريررك عكازه ومشى. ترك الامكنة وعبقه لا يفارقها وهي ما فارقته يوما.  دخل قلايته.  صلى.  وراح يعد ليوم جديد ورحلة جديدة في مواجهة الخوف والانكسار.