الثلاثاء، 26 يونيو 2012

ذاك الكشّاف النجيب الذي مضى!!

بقلم مازن ح. عبّودقال بانه لمّا يكبر سيقيم للحق صرحا. وقال ايضا بانه سيعمل على تغيير البلد عبر التربية. وقال ايضا اشياء واشياء اخرى لم يتمكن من انجاز الكثير منها بسبب رحيله المبكر. كتب له ابوه بالروح يوما، بعد ان عرف بشدة عذاباته، سائلا اياه المضي بسلام. فكان ان غادر بالتزامن مع كتابة تلك الرسالة. وبقيت رسالته امانة على عاتق امه وابيه. قيل فيه الكثير على الرغم من انه لم يعش كثيرا. فقد رحل ذاك الكشّاف باكرا جدا بعد ان استكمل علومه ومسيرته في دنيانا، بعمر ثلاث وثلاثين سنة. وهذا لم يكن ما باب الصدفة. فالام قالت بانها لمّا مرض ابنها في عمر السابعة عشر عاما، تطلعت الى ايقونة مريم وسألتها بحنو وعطف ان تعطيه عمر ابنها. وكان لها ما ارادت. ولمّا حان زمن رحيله ندمت كثيرا. وراحت تقول اما كان اجدى ان اسألها منحه عمرا مديدا؟؟ لكن ما حصل قد حصل. وانما حصل كي يكتمل سر وجوده. فأيامه اكتملت لمّا بلغ النقاوة والكمال. قرأت في كتاب امه عنه انه درس الطب بعد ان مرض كي يعرف المرض من وجهة نظر الطبيب بعد ان عرفه من وجهة نظر المريض. ذلك المرض الملعون والمحبب عنده الذي سلب منه اجمل سنوات عمره والذي "يقرّبه من ربه" كما يقول في كتاب امه. احبّ ان يكتشف روح الكون الذي ادركه منذ فتوته في الطبيعة. فكان له ما اراد. فحظي بأب وام بالروح رافقاه في مسيرته لاكتشاف الاله وفي مسيرة العذاب. لا ادعي بأني عرفته كثيرا. الا اني لا اجهله. فوالده كان استاذي في الكلية في الجامعة الامريكية. وقد كنت التقيه مع عائلته في زاويته المفضلة، حيث يرنم له "عذراء يا ام الاله" التي للقديس نكتاريوس. التي احبّ ان يسمعها كثيرا. هناك حيث اراد ان ينام وان تقام على نيته القداديس والصلوات والذكرانيات. عرفت عنه بانه واكب اعمال الاغاثة في حرب تموز من خلال تطوعه في الصليب الاحمر اللبناني. كما سمعت عن انسانيته التي بدأت تتظهر مع تخرجه. البارحة وقفنا جميعا في حضرة الام والاب والعائلة والاصدقاء وكشافته كي نشهد لولادة مشروع، اراد ان يقيمه، في ذكرى رحيله الثالثة. والمشروع ارتبط به. فاتصل بالتربية والكشفية والطبيعة. فقد بيعت شقته في بيروت لزوم اقامة مشروع مخييم دائم يلتجأ اليه الكشّافة على ارض دير مار يوحنا- دوما حيث يقيم اليوم وكل آن الى حيث قدوم الديّان. اهمية المشروع انّه اجاز لكل من احبه ان يأتي الى بقعته ويتذكره. وقف الجميع واستمعوا الى والده "موسى" الذي كلم شفيعه الشعب المختار قديما. راحت الام تستمع الى كل ما يقال. وما ارادت ان تذرف دمعة بالمناسبة. لا لانها ما تأثرت. بل لانّ "المرأة الذهبية" ارادت ان يكون لطفلها السعيد، وشابها القائد والطموح والمحب للحياة نهاية سعيدة تليق به، وبما اشتهى. نعم. لم تشأ ان تجعل من قصته قصة درامية، كما قالت في كتابها عنه. ارادت لها ان تكون قصته، قصة طير الفينيق. ادركتها تخفي حزنها. شعرت بأنها كانت تتوارى وتصلي الى الروح الذي يهب من الجهات الاربع ان يأتي قريبا. فتكسي عظام المقابر لحما وتمشي. فتصير جيشا . صلت كي لا تتأخر تلك الساعة كثيرا. فهي لا تقوى على فراقه كثيرا وطويلا. واذا بطفل يضحك ويلعب مع امه عند زاوية الشجرة حيث وضعت لوحة المشروع غير عابئ بالموت. كان ينظر الى "الام الذهبية" ويناديها "ليلى". ف"نجيب" قد اشرق على وجه ابن اخته كي يبلسم حزن امه وابيه على ما يبدو. وراح الطفل ينظر الى كل من حوله، مذكرا اياهم انّ الهدف من مشواره قد تحقق. صدحت المبخرة. علا الترنيم. تكلم الاسقف. غابت الشمس. طلعت النسائم من وادي نهر الجوز. ونحن مضينا الى دنيانا.

ازمة الكهرباء فاقمت تلوث الهواء في المدن والبلدات

متفرقات - عبود:ازمة الكهرباء فاقمت تلوث الهواء في المدن والبلدات Tue 26/06/2012 13:18 وطنية - 26/6/2012 - اعتبر الناشط البيئي مازن عبود في بيان اليوم، ان "تفاقم ازمة الكهرباء وما رافقها من تحركات شعبية، خلال تواجد الوفد اللبناني في مؤتمر ريو +20، قد اعطت العالم رسالة سيئة عن لبنان وحكومته". وقال ان "ازمة الكهرباء في الفصل الحالي، قد ادت الى تفاقم تلوث الهواء في المدن والبلدات، لسببين اساسيين، وهما: اولا، الاعتماد بشكل مفرط على الطاقة الكهربائية المنتجة من المولدات الخاصة التي هي اكثر تلويثا للجو (جهة كمية الغازات المنبعثة جراء الاحتراق) والتي تعاكس شروط انتاجها معايير السلامة العامة في اكثر الاحوال. ثانيا، تعاظم حركات الاحتجاجات الشعبية وقطع الطرق العامة بالاطارات المشتعلة التي اضحت من اهم مصادر التلوث لا هوية المدن وبخاصة خلال فصل الصيف حيث لا حركة تذكر للهواء لتنظيف الجو". واعتبر عبود أن "الحكومة من رأسها حتى اخمص قدميها مسؤولة ليس فقط عن انتحارها بل عن نحر اللبنانيين واقتصادهم من خلال ممارساتها هذه". ر.ي. © NNA 2012 All rights reserved

الثلاثاء، 19 يونيو 2012

طفلة ورحلة انخطاف

قدمت اليّ اليوم كلارا الصغيرة. وكلارا ملاك انزل لوالديها. صوّبت عليّ عيونها البلورية، راخية شعرها المنسوج من العتمات. جلست في حضني. وكلّمتني، قائلة: «أرني عينيك كي انظر اذا ما كنت تكذب او تلعن او تعذّب اهلك يا «عمّو مازن»، فعيناك دفتر تسجل عليه اعمالك وخربشاتك». فكان ان دهشت. دهشت، وابتسمت. فضحكت الملائكة وانهزمت الشياطين وتبعثر الزمان بفعل ضحكتها. الا اني وجدت نفسي طفلا مرميا على احضان جدّته تقرأ في عيونه شيطناته الكثيرة. وتقول له: "اعلم بأنك ما كنت صبيا صالحا هذا الاسبوع، فقد صنعت كذا وكذا. فهذا مكتوب في عينيك. تندم على ذلك. عِدني بأن تكون صبيا عاقلا". وكنت بفعل محبتها، ارضخ واتبدل. ثمّ انقلب الصبي شابا ورجلا، وبانت عليه الجدة بحلتها قبيل رحيلها. اطلت عليه جدته التي كانت شفافة كريح ومحبة كدفء كانون نار ولذيذة كرائحة العنبر!! تلك التي كانت، على بساطتها، تدرك العالم. اطلت عليه بشعرها الأبيض الطويل المرخي على كتفيها العريضين كدرع، وبقامتها الممشوقة كسيف، وعينيها الشاخصتين اللتين تنظران وتلتقطان ما تجدانه في عيونه من أخبار. فقالت: "هات ما عندك من اخبار يا طفلي. لماذا لم تتزوج بعد كي ترزق ابنة كـ"كلارا"؟ ماذا تنتظر؟ اراك تجري، لكن وراء ماذا؟ انتبه يا بنيّ فالعمر يمضي سريعا. اعدمه قبل ان يعدمك. علمت بأنك صرت تتقن فن الرسم بالكلمات. وهذا شيء جيد. اترى ما حصل لتلك التي كنت تقطف لها ازهار الوادي وتختلس النظر اليها فتختفي اذا ما قدمت؟؟ ماذا حصل لتلك "الاميرة" الصغيرة التي غنيت لها في صغرك اجمل ما عرفت من انغام؟؟ تلك التي رسمتها لي ظلالا وألوانا؟؟ تلك التي نقحتها في خيالك ونسجتها لي كاملة الاوصاف ؟؟ اما عادت توافيك ولو بالخيال؟؟". ما اجبت جدتي العائدة من سباتها. بل خفضت رأسي خجلا. وقلت في صمتي: "ماذا عساي اقول لك يا جدتي؟ أأبلغك انّ قلبي قد تعطل لحساب رأسي الذي راح يزين النساء ويحلل؟ أأقول لك إنّ عقلي قد ضرب قلبي، فصرت اسعى ان اتحكّم بمفاتيح المستقبل؟؟ أأقول لك ان الخوف قد غلبني؟". فنادتني مجددا: "ترى ماذا حصل لفارسي الصغير الشجاع؟ ذاك الذي كان يود محاربة العالم بسيف خشبي؟؟ ذاك الذي كان يشرك الانبياء في حروبه مع جان "عمه نقولا" وينتصر؟؟ هل اختفى الى غير رجعة؟؟ هل عطّل العلم عقله، فسكنه الشك؟؟ هل غلب المحسوس، غير المدرك عنده؟؟ هل فقد ولدي الرجاء وبَدّد الإيمان فحمل أوزار ما ليس يعلم؟؟. خذ قرارك. عندك خياران: اما الزواج من امرأة او الزواج من امرأة من نوع آخر؟ لست كاملا ولن تكون شريكتك كاملة هي الاخرى. لا تكثر في التحليل، فالانتظار موت. انّ الانتظار جحيم. سأخبر "عمك نقولا"، ذاك الذي كان يقرأ الطبيعة، بأخبارك لعلّه يوصي بك جانه. ام اقول لك تبّاً للجان فهي من السفليين!! فلنسأل الملائكة كي ترشدك!! لكن انتبه لأنّ الملائكة والجان عناصر تقيم في داخلك يا ولدي. ابكي اذ اراك على جنبات رصيف الانتظار مرميّاً هكذا!! لم تؤجل مشوارك مع قدوم كل قطار، بانتظار آخر؟؟ اخشى ان يدركك الموت وحيدا. تغيّر. انّ الارواح الراقدة لا تأتي الى العالم هكذا. فلا تخسفني يا بنيّ". ثمّ ادركت نفسي مجددا، طفلا يركض اليها عبر ازقة "الحارة الفوقا"، آتيا من جسر الوادي حيث المصبنة، محملا بحقيبته المدرسية يشاكس رفاقه وابن عمه. ابصرت الطفل الذي كان يختبئ في فستانها، اذا ما احسّ بخجل. ورحت احاول ان استرجع قلبه وشجاعته وايمانه. ثمّ طلبتها فما وجدتها. اذ انّ "أم عدنان" قد سبحت مجددا في بحر الصمت الواسع، تاركة حفيدها يواجه واقعه. تركته بعد ان سرح معها للحظات في مطارحها وذكرياته. فتفقد الاشياء كلها. ولاعب ابطال قصصه. عادت هي الى دنياها. ركبت الريح مبحرة للبعيد. وهو عاد الى واقعه. فـ"كلارا" اصرّت عليه ان يشرح لها: "لمَ يسافر والدها؟" فأجاب. وما اقتنعت. لم تقتنع بأنّ والدها يغادر سعيا وراء كسب اوراقه النقدية. فيؤمن لها ولأخواتها اسباب الراحة. فالاوراق النقدية رسوم دمغت برموز عبثية يمكن صنعها في اي مطبعة، ليس الّا. ثمّ حاورتني تلك الطفلة الشاعرية في الفقر والغنى والظلم والمساواة، وقد شغلها موضوع الاولاد الفقراء كثيرا. ما كان سهلا التعاطي مع "كلارا". الا اني بليت بلاء مقبولا. ومضيت... غير اني قد شعرت بأنّ ما حصل في ذلك اليوم ما كان من باب الصدفة. فليس معهودا ان يوافي الراقدون من سباتهم لزيارة ما ويرحلون، هكذا!! فكان ان توجهت الى القبر حيث كانت و"سلوى" و"سارة". زيّنته بوردة حمراء وشمعة مضاءة وغصن زيتون. قلت: "باركك الله يا جدتي حيثما أنت. وأنت في دنياه تستريحين مع القديسين. تنظرين إليهم من فوق وأساريرك منارة لهم. شكرا لك يا جدتي. اعدك ان اتبدل. فتنزل افكاري من عقلي الى قلبي قبل ان تعود اليه وتلفظ قرارات تبدّل مصيري. لن اقوم مقام الله. سأبني على ما توافر لي، وعلى قدر ما اعطيت. واسلم ما يفوق طاقتي الى ضابط الاشياء كلها. ما خلّص الذكاء احدا. وقد بدد الله حكمة الحكماء وفهمهم كما يقول الرسول.

الخميس، 14 يونيو 2012

مازن عبود حذر من تزايد الاصابة بسرطان الرئة في شكا

13-06-2012 دعا الناشط البيئي مازن عبود وزراة الصحة العامة، في بيان اليوم، الى "التنبه إلى تزايد عدد الاصابات بمرض سرطان الرئة بشكل مخيف في محيط شركات الترابة في شكا". وسأل عن "وضع الملف على سلم اولوياتها عبر القيام بدراسات جدية في هذا الاطار والبدء بالعمل مع وزارات البيئة والداخلية والصناعة لضمان سلامة الصحة العامة عبر فرض معايير الانتاج النظيف هناك". واعتبر أن "اكلاف الفاتورة الصحية في هذه المنطقة تفوق حتما بأضعاف قيمة الارباح التي تحققها الشركات في ظل المعايير الحالية المتبعة في الانتاج، وذلك لان معظم الشركات قد تحررت فعليا من الضوابط المنصوص عنها قانونا". واشار الى ان "الاخطار الناتجة عن التلوث جراء الانشطة الصناعية في تلك المنطقة يفوق بكثير ضرر خطوط التوتر العالي". ودعا "الناس الى الاستفاقة، والاعلام الى الاضاءة اكثر على الموضوع، بوصف الملف من اكثر الملفات حماوة وتأثيرا على صحة المواطن".

Les cas de cancer du poumon se multiplient à Chekka

Liban Les cas de cancer du poumon se multiplient à Chekka, affirme un écologiste jeudi, juin 14, 2012 L’écologiste Mazen Abboud a alerté hier le ministère de la Santé au sujet de « la multiplication alarmante des cas de cancer du poumon dans la région de Chekka, dans les alentours des cimenteries ». Il a appelé le ministère à « placer cette question en tête de ses priorités », lui demandant « d’effectuer des études sérieuses sur le sujet et de collaborer avec les ministères de l’Environnement, de l’Intérieur et de l’Industrie, afin d’imposer des standards de production propre ». M. Abboud a estimé que « la facture de santé à Chekka est désormais bien plus importante que les bénéfices générés par ces compagnies, dans le cadre des critères actuels de production ». Il a enfin appelé la population et les médias à protester contre cette situation.

الاثنين، 11 يونيو 2012

في حضرة جبّور المحلّة

الاثنين 11 حزيران 2012 مازن ح عبّود لم يكن «الجبور» الا عظاما تحت رداء، ولسانا طليقا. لمحته يوم امس يمشي وقد حمل بندقية. اطلق لشعره العنان، ارخى ازرار قميص انسدل بعضه على خاصرته، ونسي ان يعقد رباط حذائه الذي كان يوقعه بين الفينة والفينة، فيعلو السباب. ناديته بداية، فما اجاب، اذ كان يشوط الارض ويركل الحصى، قائلا: "تفو، تفو... يا ريتك ما تزوجت يا "جبّور"!! "صادق"، كذّاب ابن كذّاب... واخوه "نجوبي" يأكل. ولا تكبر فيه سوى أذنيه... حرام... حرام ...". ولمّا طاب له المقام، صرخ بي: "أيا استاذ تفضل، "جبّور" سيتكلم!!". حضرت. فمضغ سيكارته بشدة. استلّها من شفتيه. ألقى ابخرتها في وجهي. وقال: "معك حق "حمار" من يتزوج ويلد في هذا الزمن". ولمّا سألته لم هذه القساوة اليوم، اجاب: "ليلة البارحة ما غاليش نوم". اكتشفت انّ امرأتي خانتني. خانتني الساقطة مع "ابليس" نعم، فـ"صادق" ابني، يشبه كل شيء الا الصدق. اشتهيت الصدق فأتاني الكذب. يا ليتني سميته "كذّاب"، فكنت رزقت بصادق. ولد لا ينفكّ يكذب حتى ترجع الكذبة اليه، خبرا. رُزق "عزرائيل" ولداً مني. لقد سرق الولد المصون السيارة ليلة امس. فدمّرها. تناثرت سيارتي اشلاء... واقنعني بأنّه طارد لصاً. فأرداه. "هه" انّ الحية كانت تجري هي ايضا على قدميها حتى اغضبت الله فزحفت، زحفا. ايه، دعه يزحف من دون سيارة. دعه يزحف... الا أنّ لمثله البلد !!!". وتطلع بي، واردف: "ايه... انت بريء. احذر أخوة "صادق" حتى لو اعطوك مقدار غرفة ذهبا!! انهم ابناء الشيطان. يرتكبون أي شيء. واكثرهم خبثا آل "قيافا" ممن يتسلطون على اموال الناس، ويدّعون الايمان. يتزمتون في الفروض، ولا تبين عليهم ثمار الروح. ايه دنيا!!". وادخل السيكارة بين شفتيه مجددا. امتصها على قدر عافيته. نفخ اهويتها. ثمّ سحبها. أرداها ارضا. استدار، ورفسها بقدمه يمينا ويسارا تحت جناح عينيه. فأجبته: "ما لك؟ دعك من الناس". فما اجاب، بل سأل: "كيف السياسة؟" فقلت: "بالوحل. فالبلد يعج بـ"صادق" واخواته". فردّ بتنهد: "ايه. اذا كنت انت تقول ذلك، فماذا تترك لي؟؟ اما كان رئيس الحكومة صديقك؟؟ اما رافقه مرارا في محلّتنا؟؟ واستقبلته، انا كرئيس لجنة اشغال والشرطي، كما يليق. كان وزيرا ودودا. كان منتصبا كبرج. اذكر كلامه. كلام اشهى من دبس"فهيمة". وتابع: "وانت قلت، لمّا قدمتني اليه: "انتبه يا معلم "جبّور". فالوزير سيصبح رئيسا". أجبته بكلمة "نعم" يتيمة. وتطلع الي. وقال: "انّ المشكلة في ذاكرتهم. نصيحة. إنساهم، افضل...". فما اجبت. وتابع: "اعتقد بأنه مجهول السياسة. ويعاني ازمة ثقة. ان وجوده في الحكم أضحى عبئا". ثمّ سأل: "قل لي هل هو مع "الحزب"؟ ام مع "العم سام"؟؟ كيف اتى الى النيابة؟ وبأي وسيلة بلغ الحكومة، وكيف سيذهب منها؟ من خبز اي سلطان اكل وبأي سيف يضرب؟ اذا كان مع "العم سام"، لماذا خلافه مع فريق "الارز"؟ واذا كان مع "الحزب"، فلماذا كل دقيقة عكرة فلم؟؟". وتابع: "جرمه انه ربط عربة السراي بعربات بيع الخضار في "التبانة". ضرب المعتدلين بمجيئه. فتحالف مع المتطرفين كي يؤمن مشروعيته. رفع سقف الطائفية في خطابه وممارساته كي يضمن بقاءه في الحكم. والمنطقة تغلي. لقد كان الاجدر به ان يشكل بلدية طرابلس. قل له بالله عليك انّ البلد اهم من الانتخابات واهم من اي شخص او مدينة. فراحت مدينته. والبلد على الطريق. لقد اضحى كل من يرغب قادراً على ان يقطع طريقا". فطلبت منه ألّا يفرّط في الكلام. وقد تركت السياسة زمنا. ثمّ حدثته في خطورة المرحلة ومهارة الرجل وخفة ظلّه وتواضعه وحلاوة لسانه. وابلغته كيف يبادر الى تحية من يعرفهم بحرارة. فقال: "يبادر اليك ويقبلك ويمازحك ويعدك ولكن!! جيد انك تركت السياسة زمنا. لكن ما زال رصدها يتبعك". ثمّ مضغ "السيكارة". وولّعها. رماها. داسها. رفسها. استدار. ومضى، وهو يلعن "ابليس" أبا الكذب ووالد ابنه. مضى. وانا رحت افتكر في كلامه، بصمت. فبلغني من بعيد أصداء غنوة: "يا حبيبي تعال الحقني شوف اللي جرالي، من بُعدك!!". فمضيت... 

الاثنين، 4 يونيو 2012

مغامرات سعيدة

الاثنين 04 حزيران 2012 مازن ح. عبّود «سعيدي الضيعجية» من استراليا. غادرت ارضها لأنّ تنظيف المنازل كان قد اضحى مهمة شاقة عليها بعد تضاعف حجمها وتراجع الطلب على خدماتها. عادت الاسبوع الفائت الى المحلة لتمضي بضعة اسابيع في احضان الربيع العربي، وكي تطمئن على اخيها المحبوب «سعيد». شعر "سعيد" انّ اخته قد تغيرت كثيرا. فملبسها اضحى اكثر فظاظة واقل تكلفة، اما لغتها فقد اصبحت غريبة ومراسها صعبا. فما عاد يعجبها شيء في البلد. واسترسلت بمقارنة "هيدي البلاد" بـ"هيديك البلاد". ثمّ انها اضحت تتفوه بأشياء سفيهة، ما كانت تقولها قبل هجرتها. فحتى العصفور على "Tree" (الشجرة) عندنا ما عاد يعجبها شَدوه. ورغبت في تلقينه شدو "هيديك البلاد". كانت تقول إنها تحررت... وراحت تنتقد اطباء هذه البلاد، مبلغة كيف تتعامل هي مع طبيبها د. "وات" الذي يجيب فورا كلما اتصلت به كي تبلغه بأنها مريضة، قائلة: "Doc Saidi is sick دك سعيدة إيز سيك". فيدعوها للمجيء فورا, قائلا: "كمون يا سعيدي come on Saidi". فـ"تكمّن" له: "يس كمين دك yes comin doc" ومن دون اي تعقيدات، أي توافيه. كانت "سعيدي" تناصر التحرر والشعوب المظلومة، وقد رغبت في ان تزور المدينة حيث ظواهر الربيع العربي - "Spring rolls" في لغتها- لغة سعيدي الشكسبيرية. فعندها "Arab Spring" هو عينه "Spring rolls". وذلك لأنّ مفاتيح اللغة اتصلت بمفاتيح بطنها المتمدّد. ارتدت "سعيدي" ثياب البحر، واستأجرت سيارة "اولدز موبيل" من طراز العشرة امتار. ولمّا همّت بالذهاب، نهرها اخوها منتقدا شططها ولحمها ودسمها المندلق على أطراف الرقع البسيطة التي غطّت عشرة في المئة من جسدها. الا انها لم تستجب الى نصيحته. ونهرته بدورها، قائلة إنّ العصر هو عصر "Spring rolls" والتحرر. فكان ان ضاع في سحر كلماتها المفرنجة، فتغاضى عنها على رغم مطالبات "الزكّور" الدائمة بضرورة لملمتها كي لا تحصل مصيبة او احتكاك ما قد يعطّل صفو حياة المحلة. وصلت المغتربة ارض المدينة، وقد بدأ حرق الدواليب واعمال الشغب. فسمعت من الشتائم الشيء الكثير لمظهرها، فانحسرت الى إحدى المحال تاركة هاتفها المحمول في سيارة الاجرة. فظنّ اهل المحلة انها خطفت من قبل المتظاهرين، اذ فقد الاتصال بها. فكان أن انبرى اخوها "سعيد" وراح يهدد بقصف المدينة اذا ما تمّ التعرّض لأخته. بحث في خزانته عن بارودته الاقوى، ركّزها على شرفته المطلة على الساحل، وراح ينده قائلا: "أمهلكم نهارا واحدا يا اهل المدينة لتسليم "سعيدة". وإلّا فسأقصف... وصولا الى انزال "استرالي" مباشر لتحرير "سعيدة" الحبيبة". ولمّا حلّ الغروب وافَت "سعيدة"، فدقت الاجراس، وقبّل "سعيد" البندقية التي حررت "سعيدي". اما صاحبه "ابو هليون" فراح ينسج حول ما جرى نظريات في هيبة السلاح ومفاعيله. "سعيدي" بَدت مصدومة من اهل "Spring rolls"، كما انها ما قدّرت ان طبخة التغيير تحتاج الى كل ذلك الكم من الاطارات المشتعلة واللُحى. وانتقدت نوعية الإطارات المستعملة للانضاج، كما الطباخين. وأبلغت الوفود القادمة للاطمئنان على صحتها بأنها لو كانت هي في "هيدي البلاد" منذ البدء، لكان التغيير قد حصل بكلفة اقل وشكل أنظف. لكنّ هذا لم يمنع "زكّور" من الاصرار عليها بضرورة اعادة النظر في ثيابها، تفاديا لحصول فتنة في البلد قد تنهي المحلة. اما هي فكانت تجيبه: "hey zak العزّ للرز والبرغل شنق حالو. Do it yourself honey". "سعيدة" عادت فغادرت الى "هيديك البلاد"، محمّلة بالاخبار وبالصعتر والكشك والتين. رجعت الى بلاد "د. وات" ونغم العصفور على "tree" عندنا، ما عاد يعجبها. رجعت الى "تلك البلاد" وهي تتكلم عن احتجازها في احد مظاهرات "Spring rolls".  close العدد 374 | 04 حزيران 2012 لبنان