الثلاثاء، 26 نوفمبر 2013

"كفرنوح"

 

 
بقلم مازن ح. عبّود
 
راح "شرشور" يخط برصاص قلمه خرائط جديدة على كرتونة حررها من صندوق علب سجائر.   وسمع يردد: "من الفوضى الخلاقة يخرج نظام جديد لقرية "كفرنوح" الجديدة وسائر الجوار".  فصرخت به "آنجيل" من شباك منزلها المطل على دكانه:"عن اي نظام او اي بلدة تتكلم يا "شرشور"؟؟  اهي تلك التي تبيع اراضيها للغريب،  وتفسد بنيها بمغرياتك، وتقسم اناسها الى معسكرات كي يسهل عليك التحكم بهم؟؟؟".  لم يكترث الذكي، كما كان يلقبونه، بكلمات الكهلة التي كان قد اغتال صورتها.  فأضحت بنظر الكثيرين فاقدة للاهلية.    
وجلس في مقره يمتص سيجارته التي كادت تترمد في فيه، لولا قدوم "سيمون" الذي نبهه.  ولو لم يفعل، لكانت شفتاه احترقتا من شدة اللهب وكثرة التركيز.  كان "شرشور" ذكيا بالفعل.  وقد اتقن فنون التجارة ولعبة الاسواق.  والناس كانوا انواعا بالنسبة اليه.  وبالنسبة اليه، " لن تستقيم الامور الا عندما يحكم الاذكياء، الكون".   اما اقرب الناس اليه فقد كان اغباهم واكثرهم مطواعية.  و"جاجا" امرأة "كليب" هي من افضلهم.  فقد باعت كل ارزاقها كي تشتري سيارات وفساتينا وامتعة ومفروشات.  ولولا الكلاب والهررة والثياب والامتعة والسيارات والقصص الفارغة والنظريات المقتبسة وزوجها الكهل الذي اضحى عبئا عليها، لكانت اضحت وحيدة.   وها هي قد سلمته الى بيت راحة كي تعيش.
وكان "شرشور" بين الفينة والاخرى ينظر الى الطريق العريض، الذي يقص المحلة شقين متقابلين "كفر شرقي" و"كفر غربي".  وفي كل مرة ينظر، كان يعاين عكرة.  ولكم اندلعت مشكلات في ذلك الشارع العريض!!!  فالبارحة بالتحديد، حصلت مشادة كلامية بين "رباح" من الحارة الفوقا و"ابي لولو" من الحارة التحتا على خلفية دينية وعائلية ادت الى اعمال عنف.  ولولا العناية الالهية لكان "رباح" سقط.  
و"رباح ابن زينون" هو نبي بني قومه.  وقد تحدر من حارة اللاواقع.  ويقول بانّ له كلب يدعى "ريكس"، يغني الاوبرا.  وبأنّ له سيارة من عائلة "الفورد" تطير.  وبأنه يمتلك حجلا يتكلم الفرنساوي ويقتات القبابيط ب"الشوكة والفرتيكة".  كما اشاع بانّ له زند يوقع جبلا.  وبانّ لاخيه مواهب رؤيوية تفوق قدرات "ليلى عبد اللطيف".  كل ذلك دفعه الى نيل حصته من الضرب والجمع مساء امس.  ولولا " شرشور" لكان الطرح ارضا قد اصابه ايضا. 
قالت "آنجيل" انّ البلدة كانت افضل قبل ان يوافي صاحبنا من الغرب.  فقدومه ترافق مع ازدياد كبير في وتيرة المشكلات وتراجع ملحوظ في معدلات الضوابط الاخلاقية.  ويقال بانّ "شرشور"  استرضى الخوري "بو خيميوس" كي يرسي للعنف في الدين ارضية.  فأبلغ الخوري الوقور المؤمنين صبيحة أحد انّ الناصري كان طفلا مشاكسا بدليل ذهابه الى الهيكل دون علم اهله.  ومن ثمّ شابا عنيفا في صون الحق بدليل اقدامه على ضرب تجّار الهيكل بالسوط وطردهم من بيت ابيه.  فكان ان انتشر العنف وترافق مع الزنى واحتساء الخمر الذي اطلق عليه تسمية "شراب المسيح".   وحلّت حشيشية الكيف محل التبغ. 
وكانت "نهنودة" تبدل الفساتين.  والشباب يكبر وينظر ويسكر.  واعمال الرذالة تتزايد.  و"ابو لولو" يشاكس، و"شرشور" يراقبه من شرفة دكانه.  وكان يناديه قبيل انتهاء كل اعتداء، صارخا: "ابو لولو كفا.  حرام عليك.  نوسي نوسي!!!".  اما شرطة البلدية فقد كانت تحضر بعيد رحيل المعتدي.  فتنظم محضرا، وتنصرف.  اذ انّ "ابي لولو" كان حاجة للاذكياء.  وقد برروا عدوانيته بالتوازن في الرذالة. 
كانت "كفر نوح" تنحدر.  انزلقت من الجبل حيث النسور، الى الوادي حيث ابناء آوى.  قيل ان طبيعة الارض كانت السبب في ذلك.  الا انها قد سقطت بفعل لعنة الوحش.  فقد زرعت في بشرها افكارا وانماط حياة غريبة.  تقلصت منازلها المأهولة.  وازدادت مدافنها وخماراتها.  بارت اراضيها.  فأضحت "كفرنوح" ضيعة الكهول التي تنعق والشباب التي تمرق.  وقد بيعت اراضيها اثمانا للهجرة او السقوط، وفي كلاهما سقوط.  فمن ينفصل عن ارضه واهله يصبح غريبا حيث ما حلّ حتى الموت.  والموت الحقيقي غربة وسقوط.
   


الخميس، 21 نوفمبر 2013

في المختار وفرشو وسوسو وكفرمنى



بقلم مازن ح. عبّود
كان مختار "كفرمنى" و مستشاره "سوسو" الحكيم يتحاوران، في الدكان-المقر المطل على الطريق، في المحلة ولعب الورقة والطاولة والسلاح النووي الايراني و"جميلة" وسوريا والمنطقة والعالم واشياء اخرى.   لمّا رصدا "د. فرشو"  يطارد  باعة الخردة والحديد.  اوقفا للفور محادثاتهما.  وقررا استدعاءه لاحتساء القهوة والقصص والاخبار معه.  وقد بلغهما انه اكتشف البارحة في المستوصف، "ميكروب" جديد، قد يدخله وكل المحلة عالم المشاهير.  ميكروب قالت فيه الممرضة المساعدة "سعاد" انه خطير ويشبه "خنفساء صغيرة تلبط عدسة المنظار".  حتى صار الجميع في محلة "كفرمنى"، المرضى عنها من الله، ينتظر اسم المولود الجديد.  "فهل سيكون اسم فلذة ابتكار طبيبهم على اسم عدوه؟؟  ام انه يستكثر ذلك عليه؟؟".
لم يرد الدكتور "فرشو" بداية ان يكشف اوراقه.  وقد آثر كتابة كل ما يرتبط باكتشافه في منشوره.  الا انّ اهل محلته كانوا يقرأون قليلا، واذا ما قرأوا ما كانوا يفهمون الا بعدساتهم.  فقد كانوا جزءا من حضارة كلامية امتازت بها منطقتهم.  و"لا شيئ يعلو على الكلمة" التي "صارت جسدا"، كما كان يردد "سوسو" خطيبهم المفوه.  والذي كان يصطدم مع كل من حاول اقناعه بأنّ الكلمة صار جسدا.  فالكلمة هي مذكر في هذه الحالة، ولا علاقة لها بالحكي!!! 
وصل المكتشف الى المقر-الدكان وراح يداعب جهازه الخلوي، علّه يخرج له اتصالا، فمعاينة، فمردود مالي.   جلس.  ارتشف قهوته.  انتفض كلاميا.  أبلغ المختار بانّ ما اكتشفه كان عظيما.  وبانه من الممكن توظيف الاكتشاف في حروب المنطقة لزوم ابادة الخصوم.  وطلب التكتم على الموضوع.  "فالخوف، كل الخوف ان يقع الاكتشاف في اياد ارهابية ياجماعة.  فتحصل ابادة".
ثمّ انتقل الحديث تدريجيا الى الصحة.  ففرش "فرشو" عدته.  واستكمل فحص الرجلين جسديا، بعد الانتهاء من الفحوص الوطنية.  سألهم عن كل شيئ.  وسجل لهما على علبة سجائر "الفحوصات المطلوبة: "سكري، بول، زلال، شحم، قلب، ومختلف...".  كتابات اثارت حساسيتهما.   وخفت قلم الطبيب لمعرفته انه قد دخل عالم الجيب المحظور.  اراح جمهور الدكان-المقر عندما لوّح بامكانية تقديم مساطر طبية مجانية لعلاج "النفخة" و"الترشح" و"عسر الهضم".  على ان يتدبر هو شخصيا مسألة الصور الشعاعية.  فالمصورون كثر في تلك المحلة، والاستاذ "مازن" احدهم.  وقال: "اسألاه ان يرتكب بحقكما هذه الخدمة".  
وسرعان ما وصل الى منزلي "حنونا ابن حلوصة" الذي سألني ان اوافي الى الدكان-المقر مع كاميرتي.  لبيت، لعلمي بأنّ الموضوع مصيري.  فالجماعة تنوي استرجاع مدائن الشرق، ورد الاعتبار.  وصلت.  أقعدني المختار عن يمين مجده حيث الحوائط المحملة حاجيات.  وعلم حزبه لاح عن يساره.  ابلغني بداية، بأنه سيعينني في مجلس عقلاء حزبه.   فأجبته: "انه لشرف عظيم ان انضم الى مجلسكم.  الا انّ المشكلة في انّ عقلي قد طار مني زمانا.  وفاقد الشيئ لا يعطيه".  ثمّ سألني أخذ صورة شعاعية له، وذلك لانّ عدستي هي الافضل.  حاولت ان اشرح له انّ كاميرتي غير صالحة للصور الشعاعية.  الا انه استاء.  فصورته،  كما امرني.  وانصرفت. 
هذا فصل من فصول الحياة في "كفر منى" القابعة على خطوات من "كفر كان" والبعيدة كل البعد عن "كفر هلق".  وعندما تتداخل وتختلط كل تلك الامكنة بعضها ببعض وتبتعد عن "كفر هلق"، تصبح الحياة ضربا من ضروب الجنون.  وندخل جميعا في آتون الابادة.


الخميس، 14 نوفمبر 2013

شحّودة والمرحلة

اهتاج "شحّودة" اذ سمع بانّ الروس راجعون.   سحب بندقية "الدك" من خزائنه وراح يرمي الرصاص في الهواء احتفاء.   تمنى لو انّ جده المرحوم "حبقوق" كان حيا يرزق.  وراح يردد "عشت وشفت يا "شحودة" يا ابن يعقوب ابن حبقوق، عودة المسكوب".
نظم حفل تعليق للصور القيصرية تماشيا مع الموسم.  وسحب الصور التي كان قد اودعها ابوه القبو زمانا.  عرض الدفاتر القديمة التي سجل فيها ما يشتهي نقلا عن الاجداد بمفعول رجعي.   ودعا الجميع الى الحفل المهيب بمن فيهم الرفيق "هلّو" والمختار وكل اركان "المجمع الرومي المدني" وزعمائه.  ذلك المجمع الذي تولى هو شخصيا مسؤلية حذف "ت" منه.  فصار  "المجتمع"  معه "مجمعا".  والمجمع  يتسع للجميع وقصصهم.  واضاف كلمة "الرومي" لزوم استحضار اشباح الماضي. 
وفي تصريح له قبيل بدء الاحتفال، اعتبر "شحودة" انّ  نزع التاء من المجتمع هدفت الى اعادة التوازن المبتور في الكنيسة ما بين الاكليروس والشعب.  الغائب الاكبر عن  الحفل كان كاهن المحلة الخوري "خارالامبوس".  الذي كان مستاء منه للغاية.  وخلافه تأسس مع "شحودة" على خلفية اصرار ومطالبة الاخير الكنيسة باصدار قرار يهدف الى اختصار كل اسماء الكهنة، لزوم التماشي مع مقتضيات العصر.  فيضحي مثلا اسم خوري "كفرلالا" المجاورة "بوخاميوس"، "بوخا". اقتراح اثار حفيظة الخوري "خارالامبوس" الذي اعتبر انّ الاقتراح ملغوم، وموضوع اختصار اسمه اهانة مقنعة.  لم يأبه "شحودي" لغياب الخوري.  وقد حضر الرفيق "هلّو" الذي قيل فيه انه اهتدى في آخر الايام.  ذاك الذي يقوم بمهام البطريرك بثياب علمانية، وبتفويض من المجمع الرومي وذلك بوضع الايادي.  
كما قاطع احتفال نقل الصور من القبو كل سبط ال"لاويين" في تلك المحلة.  واولئك لم يعطوا امثلة جيدة في عيش ما كانوا يلهجون به. 
تكلم "شحودة" في الجموع بطلاقة.  انتفخت عضلاته بكلماته.  كبرت.  اما الرفيق "هلّو" فكان يرسل اليه من كرسيه باقات المحبة والاعجاب والتقدير. 
ودخلت الصور منزل المحتفي.  واشبعتها "اماندا" ارزا و"قويلات".  حتى قيل انّ الرز الذي القي في حفلة "ترقيص الصور" كان يكفي لحشو خروف. 
تمددت اذنا "شحودي" جراء العز.  وانتفخت عيناه.  وانحل رباط لسانه.  وقد اضحى احد اركان "المجمع المدني الاورثوذكسي".  لم يبخل عليه الله بشيْ.  اعطاه الطلة والفهم والقدرة البدنية بداية، والان زوده بالدعم السياسي وقوة اللسان.  فكان ان اقترن بكريمة "سوسو".  ذاك الذي لمّا سئل عنه،  قال: " تقدم للزواج من ابنتي مهندسون واطباء ومحامون وكتّاب.  لكن متكلمون على شاكلته، كلا لم يتقدم".  اضحى "شحودة" زعيم الغد.  والغد لناظره قريب.  وغدا يوم آخر. 
في يوم مشمس، ركب "شحودة" شاحنته الصغيرة، ومضى بعيدا.  ولمّا عاد احضر العليق بأفضل الاسعار.  قاد ماكينته.  ضغط برجله على البنزين.   وامسك المقود.  وما عاد يهتم لكل ما يراه او يسمعه.  حتى انه ما عاد يعير السيارات التي كانت تؤشر له كي يتوقف، اهتماما.  "ولم التوقف اذا ما كان الخزان يضج بالوقود، ورخصة القيادة صالحة وشرعية، والقيصر الجديد حليفنا؟؟".
 ظلّ يمشي والسيارات من حوله تنعق من كل صوب الى ان بلغ محيط المنزل.  هناك اصطدم بسيارة غريبة.  نزل كي يقارع المعتدى عليه.  سأله عن ارضه وعن ابيه وامه وطائفته ومنطقته وعائلته وسياسته؟؟  سأله، لم قدم الى هذه الناحية طالما ان لا قريب له عندهم او عمل كي يقوم به؟؟  فلو لم يأت لم حصل ما حصل!!
  تعجب الرجل واحتار.  فما تعوّد ان يلتقي باناس من هذه الطينة في تلك الناحية، تقارعك لانها التقتك على طريق قريتها.  فتصدمك، ثمّ تناكفك.  فأيقن السائح انّ تلك المحلة قد تغيّرت.  وانّ من مفاعيل الربيع العربي زيادة معنويات البعض وحلول الحرية حتى التفلت.
ثمّ نظر "شحودة" الى حمولة شاحنته.  فوجد انها اختفت.  احتار، وظنّ انّ "داعش" قد اغارت عليه.  الا انه ما اقترب من سوريا ولا من مناطقها الشمالية.  ما ايقن انّ الحمولة طارت منه لخلل ما في عملية التحميل.  وللحظة تذكر صخب السيارات من حوله.  وايقن انّ اولئك سعوا الى لفت اهتمامه الى تناقص الحمل.   ندم.  وايقن هول المعنويات التي ان تعاظمت تستهلك الماديات.  تقلص حجم اذنيّ "شحودة" الى المعدلات الدنيا.  وراح يراجع حساباته.  فلو كان الرجل الذي صدم سيارته مسلحا لكان نشب بينهما عراك ادى حتما الى حتفه.  ولكان "شحودة" قد اضحى قصة محزنة مفرحة تتناقلها السن اناس تلك المحلة التي تقتات اخبارا وروايات.  لم يعلم انّ القوة هي قوة العقل المتكئ على القلب، وليس قوة "بارودة الدك" على الكتف.  ايقن انّ الدعم ان وظف ضدّ الشريك يمسي انتحارا.  فالتحدي الكبير في اللحظات التاريخية هو ان نعيش سويا كي لا نموت جميعا. ادرك ان قدره هو الحوار مع "اللاويين" وكل الجيران، كي يسلم وتسلم الناحية.
 
 

الاثنين، 4 نوفمبر 2013

في منيرة ولبيبة واجتماعات مسيحيي المشرق


 

بقلم مازن ح. عبّود

 

سألت "منيرة" "لبيبة"، فقالت : " آه ما اروع كلام هذا الخوري الذي لشدة فهمه لم افهم من كلماته ولو مغزا واحدا!!! بالفعل انه رائع ويفوق في اعجازه المطران!!  هكذا هم دوما المثقفون يتكلمون للجمال وليس للفهم.  ثمّ هل رأيت كيف كان يلاعب لحيته التي كانت تتمايل كحبقة ترتوي من جدول". 

انقطع حبل افكار "منيرة"، وانحسر الكلام.  فقد ورد عبر شاشة التلفاز خبر مفاده ان اجتماعا كبيرا في هذه الاثناء يجري للبت بمصير مسيحيي المشرق.    كان الكلام جميلا. وكان  الحضور حاشدا.  علقت منيرة النظارات على منخارها وراحت تغوص في غمار العدستين مفتشة في الشاشة عن بطريركها.  فما وجدته.  ثم راحت تقترب وتبتعد من الالة الناطقة.  الا انها لم تتوفق في العثور على طلته او حتى لحيته الغضة.  فعلى ما يبدو كان بطريرك الروم غائبا.  حزنت جدا.  فكيف يغيب عن ذلك الاجتماع وهو الزعيم الروحي لاكبر مجموعة مسيحية في المشرق اي لبنان وسوريا والاردن وبعض تركيا؟؟  او ليس الاجتماع لقاء لمسيحيي المشرق؟؟  او لسنا مسيحيين؟  او لسنا مشرقيين؟؟  سألت اختها اذا ما كان ممكنا ان يتم اعداد شكوى الى وزارة الاقتصاد لزوم استرجاع التسمية المشرقية.  فأبلغتها انّ لا هيبة للكركون  (مغفر الدرك) وبأنّ قرارات الحاكم المنفرد في الناحية غير محترمة. فاستكانت.  ثم راحت ترصد الانشطة المرتبطة بالموضوع.  فاكتشفت انّ الناس نفسها تردد لبعضها الكلام نفسه في اماكن وازمنة متقاربة.  فالموضوع على ما يبدو هو ادمان على الضوء حتى لو على حساب الوجود.  وراحت تسأل ماذا يعمل اولئك السيدات والسادة؟؟ ومما يعتاشون؟؟  ما بالهم يرددون الكلام نفسه في ما بينهم؟؟  ولو كانت الخطب خبزا او كساء او بطانيات، لكان جارها القائد المفوه "ابي سعدى" اكبر المحسنين واحلاهم!!! 

قررت الاتصال بهم.  وراحت تبحث عن ارقام الهاتف عند اسفل الشاشة كي تسأل عن اكلاف الضيافة في مثل هذه المؤتمرات، الا انها لم تجد.  ثمّ تباحثت مع اختها "لبيبة" بالموضوع.  اشبعتاه درسا وكناسة وتنظيفا وطهوا مع سائر ملفات المنزل.  فاكتشفتا انّ القصة قد تكون لعبة ضوء وظلال ليس الا؟؟  فمما لا شك فيه انّ الموضوع موضوع ادمان اكثر ما هو موضوع معالجة او حل.  فكرت "منيرة" عميقا ثم قالت: "مساكين مسيحيو المشرق اذا ما كان هكذا يتصرف قادتهم في مثل هذه الظروف. واذا ما كانت الخطابات الرنانة والتجمعات الطنانة ترياقهم في مثل هذا المنعطف الوجودي من حياتهم!!! ".

اما "لبيبة" فقد لعنت "التلفاز" ونسله.  واشبعته ركلا بالاحذية، وذلك لانّ الآلة مخدرة.  وهي تعتقد انّ العلة هي انّ الساسة تدمن وتستميت للظهور.  اما البشر فتدمن على المزيد من المواقف لقتل الوقت.  ومن يسمع يفرح ويعتقد انّ المسألة قد دبرت.  صرخت :"نهم الاضواء اكثر خطورة من المخدرات، وذلك بسبب انعدام توفر المشافي الضوئية".  وكان ان اتصلت "لبيبة" على الفور بالدكتور "فرشو"-طبيب المحلة، سائلة عن الترياق لمثل هذا الادمان.  فأعطاها لائحة ادوية.  ادوية ما كانت ليشفى القادة، بل لكي تتحرك عجلة الاقتصاد من نافذة الصيدليات.  

الجمعة، 1 نوفمبر 2013

لرفض استقدام النفايات الكيميائية الى لبنان

ابدى المستشار والناشط البيئي مازن عبود تخوفه من رغبة البعض باستقدام نفايات الاسلحة الكيميائية المتلفة الى لبنان. واعتبر بأنّ هذا يتخطى قدرات لبنان ويشكل خطرا كبيرا على بيئته. وسأل عن انواع الاسلحة الكيميائية المتلفة وكيفية الاساليب المستعملة في تلفها كي يتحضر الناس لها. واشار الى انه في حالة كان الحرق (Incineration) هو الوسيلة التي استعملت لتدمير الاسلحة الكيميائية، فانّ النفايات ستكون حتما رمادا ساما. وبالعادة يتم تخزينه في مواد غير قابلة للتفاعل (inert material), ويطمر في مناجم الملح المستهلكة. لانّ مثل هذا الرماد لا يتوجب ان يكون على احتكاك مباشر بالتربة خوفا من امكانية تسربه الى المياه الجوفية مثلا (فتحصل كارثة) او امكانية انتقاله الى النبات او الانسان او الحيوان. مما قد يؤدي الى الموت في المدى القريب او البعيد او المتوسط وفق طبيعة االرماد. وفي احسن الاحوال قد يؤدي الى امراض تعكر نوعية حياة المصاب. اما اذا تم التلف عبر التفاعلات الكيميائية (neutralization) . فانّ السائل الناتج عن ذلك يتم ضخه عادة الى محطات لمعالجة النفايات الصناعية. وهذا غير متوفر في لبنان. لانّ شبكات الصرف ومحطات التكرير القليلة جدا تستخدم للصرف الصحي المنزلي حصرا. وهي لا تفي بالغرض مطلقا. لا على العكس تتعطل وتسبب تلوثا في البحر والمجاري المائية.
عبود قال "اذا ما كانت سوريا التي تصنع وتمتلك مثل هذه الاسلحة تجد نفسها غير قادرة على اتلافها ومعالجة النفايات الناتجة عنها، بحسب رئيسها د. بشّار الاسد، فهل يكون لبنان قادرا على تحمل مفاعيل مثل هكذا عملية؟؟؟". واخيرا، دعا عبّود المجتمع الدولي الى احترام خيمة الضيافة اللبنانية وصونها كي تبقى ملجأ للاجئين ولاهلها على الاقل. كما سأل الدولة اللبنانية والشعب اللبناني واللاجئين السوريين الى الانتفاضة لمواجهة مثل هكذا خطة ان وجدت. وذلك لعدم قدرة البلد على تحمل تبعات ومفاعيل مثل هذه الازمة. واخيرا سأل عبّود "هل يجوز انفاذ حكم الكيماوي لى الاراضي اللبنانية بعد ان تعذر انفاذه في ساحات الوغى في بلاد الشام؟؟؟".