الاثنين، 28 يونيو 2010

رجل واشلاء

رجل واشلاء

جريدة الانوار

الاثنين في 28/6/2010

< مازن ح. عبّود
استفاق الرجل من غفوته وراح يلملم بعضا من اشلائه المحطمة والمبعثرة في انحاء مطرحه.
ومطارح ابن آدم لم تكن بالقليلة، اذ امتد بعضها على طول الكوكب. واكثر تلك المطارح ايلاما كانت زواياه، حيث اعتقد بأنه قد قدم بعضا من اعضائه لمن لم يكونوا اهلا لها.
كان الشاب يتفقد ما سلم من جسده ويتطلع الى ما تبقى منه من مادة، وكان ابن آدم يتقوى بالروح.
لم يستسلم لليأس فهو من الشرير. لم يستسلم لانه عرف أنّ لحمه قد اوجد اصلا كي يكون مأكلا للكلاب ومرتعا للدود. نعم ما كان عنده مانعا من ان تنهش الكلاب لحمه كي تعتاش، حتى لو كان ذلك على حساب استدامة ونوعية ايامه في مشواره!!!



الا انه بكى على اشلائه، فهو كان مازال الى غاية تلك الساعة متعلقا باشيائه التي ما استطاع ان يتحرر منها.
شعر صاحبي أنه معلق في مكان ما بين الارض والسماء. فما كان قادرا لوحده ان يتحرر من ترابيته، كما انه لم يكن راغبا في الغرق في وحول عالمه وللابد.
عرف انّ واجبه كان ان يشهد للحق مهما كان الثمن كي ينال الباقيات، الا انه ما انفك يبكي على الفانيات.
وكان في كل مرة يبصر اشلاءه يبكي.
الا انه كبا بعد بكاء، والكبوة كانت صهوة الحرية والتحرر.
لقد احبّ صاحبي الحرية، الا انه ما كان قد سحق العبودية فيه بعد.
كانت العبودية نزوة او رغبة...لا بل كانت اكثر!!!
كانت تنينا يستفيق في كل مرة بانت عليه الاميرة.
اما هو فلم يعرف لما لا يستطيع ان يتحرر كليا من نباح الكلاب ووقع اضراسها على جسده.
علّ مشواره مازال طويلا الى التحرر!!! علّ تنينه مازال قويا وضرباته مازالت بسيطة.
صلى في عمق نفسه كي يتمكن يوما من التغلب على التنين ونسيان الكلاب...
صلى واستكان...
استكان في صمته كي يستمع الى اصوات الملائكة،
علّه بذلك يتعزى.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق