الاثنين، 24 يناير 2011

في البطريرك صفير، بطريرك الموارنة المستقيل

في البطريرك صفير، بطريرك الموارنة المستقيل!!!

الدّيار الفكري
صفحة 20
الاثنين 24 كانون الثاني 2011



قلما وجدت شخصية تتمتع بهذا الكم من البساطة والصلابة والرشاقة والوعي السياسي. فغبطة البطريرك مار نصر الله بطرس صفير يتميز بقدرته على تشغيل اذنيه التي تتلقى الاخبار والآراء والتحليلات التي يروح يمحصها، متأكدا من صحتها، دون ان يثير الضوضاء.

وتراه ينتقي من كم الاخبار الذي يصله يوميا ما يتناسب فقط مع قناعاته ومع ما يجده حقا، فيبني على الشيئ مقتضاه.

عرفت البطريرك صفير حبرا يتقن التحكم بكل مفاصل اساريره التي قلما تخون ارادته فتظهر انفعالاته او معطياته. وتراه يجيبك برمزية مغلفة ببساطة، اذا ما اراد ايصال رسالة ما الى شخص او مرجع ما. واللبيب من الاشارة يفهم...

ادركت كبير احبار الموارنة يعرف كيف يجمع ما بين الواقع والمرتجى. فلا يستسلم للاول ولا يضيع في سراب الثاني.

فغبطته مخزن للاسرار التي لم تمحها السنون. وانّ ذاكرته وبديهته حاضرتان، دوما وبقوة، تنتظران ما قد تتفوه به شفتاك. فحذار الغلط!!!

لم افاجأ لمّا عرفت انّ البطريرك صفير قد قرر ترك المسرح، وهو في عزّ ادوار البطولة، يتألق تحت الانوار.

فبطريرك الكنيسة المارونية يعرف تماما متى وكيف يخرج من المسرح.
فالبطريرك الذي عرف كيف يعيش، يعرف ايضا كيف يتحضر لملاقات ربه بسلام بعد ان شعر بثقل عالم السياسة يعطل عليه الملكوت المرتجى.


يعود الى حيث ينتمي، وهو ما تخلى يوما عن زهد وبساطة وصفاء قديسي الموارنة من اهل قاديشا التي سلك دروبها في كل مرة مكث فيها في ديمانه.


قد تتفق مع بطريرك الموارنة المستقيل او تختلف في السياسة، الا انك لا تستطيع ان تقدر مقومات شخصه. ولبّ ما ادركته، انا المواطن العادي، في حبر الموارنة الاول هو الثبات في القناعات وفي التواضع. فما كسرته عاصفة يوما ولا رفعه لقب او لقاء. ادركته عالما انّ كل ما لا يزيد في القامة، لا يغني.

غدا يعود البطريرك صفير الى صومعته تاركا وراءه كمّا من المواقف والانجازات. غدا يعود الى قلايته متسلحا بمسبحته وصليبه. يعود الى ما كان، فيزيد في قامته شبرا.

يرجع الى وكره كنسر، الى صومعته كراهب. يعود كي يصلي على نية العالم، فالصلاة اشدّ وقعا في هذه المرحلة من السياسة والديبلوماسية والسلطة.

غبطة البطريرك، شكرا لكم على كل جهودكم في سبيل كنيستكم ولبنان. شكرا لدعمكم لي في مسيرتي المتواضعة. وانكم ستبقون في افئدة الناس لغزا لم يفك طلسمه في تاريخ لبنان المعاصر، وشخصية اختلف الكثير في فهمها وتقديرها مع اختلاف المواقيت وظروف التموضع السياسي.
مازن عبّود

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق