الاثنين، 11 يونيو 2012

في حضرة جبّور المحلّة

الاثنين 11 حزيران 2012 مازن ح عبّود لم يكن «الجبور» الا عظاما تحت رداء، ولسانا طليقا. لمحته يوم امس يمشي وقد حمل بندقية. اطلق لشعره العنان، ارخى ازرار قميص انسدل بعضه على خاصرته، ونسي ان يعقد رباط حذائه الذي كان يوقعه بين الفينة والفينة، فيعلو السباب. ناديته بداية، فما اجاب، اذ كان يشوط الارض ويركل الحصى، قائلا: "تفو، تفو... يا ريتك ما تزوجت يا "جبّور"!! "صادق"، كذّاب ابن كذّاب... واخوه "نجوبي" يأكل. ولا تكبر فيه سوى أذنيه... حرام... حرام ...". ولمّا طاب له المقام، صرخ بي: "أيا استاذ تفضل، "جبّور" سيتكلم!!". حضرت. فمضغ سيكارته بشدة. استلّها من شفتيه. ألقى ابخرتها في وجهي. وقال: "معك حق "حمار" من يتزوج ويلد في هذا الزمن". ولمّا سألته لم هذه القساوة اليوم، اجاب: "ليلة البارحة ما غاليش نوم". اكتشفت انّ امرأتي خانتني. خانتني الساقطة مع "ابليس" نعم، فـ"صادق" ابني، يشبه كل شيء الا الصدق. اشتهيت الصدق فأتاني الكذب. يا ليتني سميته "كذّاب"، فكنت رزقت بصادق. ولد لا ينفكّ يكذب حتى ترجع الكذبة اليه، خبرا. رُزق "عزرائيل" ولداً مني. لقد سرق الولد المصون السيارة ليلة امس. فدمّرها. تناثرت سيارتي اشلاء... واقنعني بأنّه طارد لصاً. فأرداه. "هه" انّ الحية كانت تجري هي ايضا على قدميها حتى اغضبت الله فزحفت، زحفا. ايه، دعه يزحف من دون سيارة. دعه يزحف... الا أنّ لمثله البلد !!!". وتطلع بي، واردف: "ايه... انت بريء. احذر أخوة "صادق" حتى لو اعطوك مقدار غرفة ذهبا!! انهم ابناء الشيطان. يرتكبون أي شيء. واكثرهم خبثا آل "قيافا" ممن يتسلطون على اموال الناس، ويدّعون الايمان. يتزمتون في الفروض، ولا تبين عليهم ثمار الروح. ايه دنيا!!". وادخل السيكارة بين شفتيه مجددا. امتصها على قدر عافيته. نفخ اهويتها. ثمّ سحبها. أرداها ارضا. استدار، ورفسها بقدمه يمينا ويسارا تحت جناح عينيه. فأجبته: "ما لك؟ دعك من الناس". فما اجاب، بل سأل: "كيف السياسة؟" فقلت: "بالوحل. فالبلد يعج بـ"صادق" واخواته". فردّ بتنهد: "ايه. اذا كنت انت تقول ذلك، فماذا تترك لي؟؟ اما كان رئيس الحكومة صديقك؟؟ اما رافقه مرارا في محلّتنا؟؟ واستقبلته، انا كرئيس لجنة اشغال والشرطي، كما يليق. كان وزيرا ودودا. كان منتصبا كبرج. اذكر كلامه. كلام اشهى من دبس"فهيمة". وتابع: "وانت قلت، لمّا قدمتني اليه: "انتبه يا معلم "جبّور". فالوزير سيصبح رئيسا". أجبته بكلمة "نعم" يتيمة. وتطلع الي. وقال: "انّ المشكلة في ذاكرتهم. نصيحة. إنساهم، افضل...". فما اجبت. وتابع: "اعتقد بأنه مجهول السياسة. ويعاني ازمة ثقة. ان وجوده في الحكم أضحى عبئا". ثمّ سأل: "قل لي هل هو مع "الحزب"؟ ام مع "العم سام"؟؟ كيف اتى الى النيابة؟ وبأي وسيلة بلغ الحكومة، وكيف سيذهب منها؟ من خبز اي سلطان اكل وبأي سيف يضرب؟ اذا كان مع "العم سام"، لماذا خلافه مع فريق "الارز"؟ واذا كان مع "الحزب"، فلماذا كل دقيقة عكرة فلم؟؟". وتابع: "جرمه انه ربط عربة السراي بعربات بيع الخضار في "التبانة". ضرب المعتدلين بمجيئه. فتحالف مع المتطرفين كي يؤمن مشروعيته. رفع سقف الطائفية في خطابه وممارساته كي يضمن بقاءه في الحكم. والمنطقة تغلي. لقد كان الاجدر به ان يشكل بلدية طرابلس. قل له بالله عليك انّ البلد اهم من الانتخابات واهم من اي شخص او مدينة. فراحت مدينته. والبلد على الطريق. لقد اضحى كل من يرغب قادراً على ان يقطع طريقا". فطلبت منه ألّا يفرّط في الكلام. وقد تركت السياسة زمنا. ثمّ حدثته في خطورة المرحلة ومهارة الرجل وخفة ظلّه وتواضعه وحلاوة لسانه. وابلغته كيف يبادر الى تحية من يعرفهم بحرارة. فقال: "يبادر اليك ويقبلك ويمازحك ويعدك ولكن!! جيد انك تركت السياسة زمنا. لكن ما زال رصدها يتبعك". ثمّ مضغ "السيكارة". وولّعها. رماها. داسها. رفسها. استدار. ومضى، وهو يلعن "ابليس" أبا الكذب ووالد ابنه. مضى. وانا رحت افتكر في كلامه، بصمت. فبلغني من بعيد أصداء غنوة: "يا حبيبي تعال الحقني شوف اللي جرالي، من بُعدك!!". فمضيت... 

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق