الثلاثاء، 9 أبريل 2013

الرجل


 

 الرجل الانيق

هل عرفت الاستاذ جرجي ناصيف؟ هل عرفت نجم الكرة الطائرة الاغر الذي الهب المنطقة ونادي دوما بقدراته الرياضية في الاربعينات والخمسينات؟؟ هل عرفته مثل ما عرفته انا، رجلا انيقا ما اراد ان يموت، ولا اراد ان يشيخ يوما ؟؟

انه جرجي ابن الرئيس نقولا ناصيف الذي انتقلت اليه رئاسة البلدية بعد ممات الرئيس نقولا المعلوف.  ابن اول رئيس لبلدية لدوما من طائفة الطباشرة  التي دمغت بخاتم ايليا النبي.  فاقامت له كنيسة.  عمل مربيا الا انه عرف باتقانه طرائق التحكم بالكرة الطائرة.  افتخر بكونه درّس اناسا اضحوا معروفين كالرئيس حسين الحسيني وغيره في شمسطار.  فكان ان ورّث بنيه ما عنده من حب للعلم وعشق للرياضة.  فانتقلت كرة الوالد من طيران الجو الى اقدام البنين وملاعبهم.  كيف لا وهو الكريم.  والانسان كي يكبر عليه ان يجعل المادة تحت قدميه.

عرفته، نديم السيكارة التي قلما ما كان يخرجها من فيه.  فكان ينفخ مع اهويتها الادخنة والمشاكل والكثير من صحته.  ما كان يتكلم كثيرا الا مع قلة ممن كانو مثله.  فهو كان امير عائلته المميزة المتوّج.  فكان ان اعتزل كل شيء الا امارته وشؤونها وشجونها.  شكّلت عائلته مصدر اعتزازه.  وقد سمع يقول حاشى لي ان افتخر بالدنيا الا بعائلتي.  لم لا وعائلته انموذجية تكللت بعلوم هذه الدنيا وطرائقها!!!

 تقدس جرجي لمّا اقترن بماري.  تلك المرأة الفاضلة التي فاقت في قيمتها الجواهر.  والتي تقدست عائلته بها.  فاكتسبت العائلة من الام الكثير من الفضائل.  نطر سنديانة مار نهرا زمانا خلال فصل الصيف.  فعقد في افيائها جلسات حوار طويلة مع خليله الياس جمعت الهزلية الى الجدية، والواقع الى الخيال.  رحل بعد هنيهة من الزمن بعد رقاد ماري، كي يلاقيها فوق.  رحل وعائلته واصدقاؤه وسيارته الخضراء والصنوبر والمقهى والسنديانة في باله.  رحل آخذا القصص والكرة الطائرة والنادي ودومته معه. 

ما رحل متخاصما مع الموت.  بل تصافى معه اياما قبل الرحيل.  فتغلب على خوفه منه.  تصافى مع من شغل باله واضحى كابوسا على رأسه منذ مرض ورحيل زوجته.  فمضى على وئام مع من كان يكرهه ويجزع منه.  ما استسلم له الا بعد ان فهمه.  فأشتهاه لمّا ادرك انه ليس النهاية.  اشتهاه لمّا ذاق حلاوة الحياة. 

جرجي ناصيف الانيق والمتحفظ يرحل كي يكمل عقد فريق الكرة الطائرة فوق.  فهناك سيستذكر مع جرجي حداد وجرجي غنمة وغيرهم، ايام العز.  سيفرح حتما لكل عمل صالح قام به.  ويحزن للطالح من اعماله.  سيقول لربه "شكرا لاني وجدتك ولو على سرير الفراق.  شكرا لاني اكتشفت حلاوتك ولو مع قدوم الموت".  فكان ان صار يشتهي ما كان يخشاه ويرتجف لذكره.  التحق بركب ماري التي سبقته الى ذوق حلاوة الرب.  تلك التي غلبت الموت بايمانها ورجائها.  وقد ايقنت في مشوارها في دنيانا انّ كل شئ يبدأ ها هنا حتى الدينونة.  انتقلت النعمة منها اليه.  لم لا فالزواج لا ينكسر حتى مع الموت.  والزوجان الحقيقيان يتشاركان المصير نفسه.  يخلصان معا او يموتان معا.  ومعا يحضران لقاء الديّان. 

جرجي رحمك الله.  وبلسم الروح عائلتك فردا، فردا.  وحسبي انك تقيم في مكان تبان لك الارض بكليتها كرة طائرة صغيرة تحركها الرياح.  والضابط الكل ينظر اليها ويهمّ ان يمسكها.  فيأتي الملكوت.  وتردد من هناك مع بولس "حاشى لي ان افتخر الا بصليب ربنا يسوع المسيح".  فكل شيئ كما اكتشفت انما منه ويعود اليه يا حبيبنا.

 

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق