الأربعاء، 9 مايو 2012

انوار صخرة سمعان

خرج النورانيون من بني آدم الى معابدهم زمانا قبل انبلاج الفرج كي يستقبلوه بصلوات وترانيم. وفجرهم كان ناصريا ولد منذ ما قبل الفي عام من حشاء بتول كما كانوا يؤمنون. نذروا لهم حياتهم كيف لا وكل منهم كان في وجدانه ومضة او فكرة حتى قبل ان يتوهج بسواده انوارا ودفئا. اما انوارهم فلم يخلقها بشري بل هي من الله. كيف لا وهم قد اضحوا ابناءه بالتبني. اولئك هم قوم صاحبي ممن يصلون للعالم كي لا يغرق في الظلام. ما منعتهم شدة ولا اوقفتهم نائبة عن جهادتهم لبلوغ الحقيقة. ومعلمهم هو الحقيقة المطلقة لانه هو الله. فهم قد اضحوا ابناء الله. لما لا وهو قد اضحى ترابيا كي يصبح الترابي نورانيا. وصاحبي هو ظلي الذي راح يتأمل كل ذلك بصمت. حيث انه وافى الى هناك برفقة حبر شيخ وابنه بالروح ورئيس دير واكليريكي. اما المكان، فهو حديقة مريم في بحر ايجيه الذي صدت بواباته امام كل النساء الاخريات الا هي. مريم التي تزوجها قوم الحديقة. وما عادوا يلتفتون الى غيرها. والحديقة كانت اصبعا امتدّ في بحر الاسطورة. فغصّت بقصص القديسين والعصافير والمخلوقات البرية، كما بابناء آدم الهاربين الى تلك البرية بحثا عن انوار غير مخلوقة. وتضافر الراقدون والاحياء مع كل مخلوقات الله لتمجيده. وقد رفضوا الشيطان واعماله وحضارته الزائفة. فتناغموا مع حيوانات البرية لتمجيد الكائن منذ الازل والى الابد. فروضوا الافاعي وتلمذوها، كما كل الحيوانات المتوحشة التي خضعت لشيوخهم. عرفوا ان الحياة ظل وبانّ العمر عشب سرعان ما يذبل. فأهملوا الفانيات. وعملوا للباقيات. جعلوا من آثوس، على قدر ما عطوا، ظلا للفردوس حيث الخضرة وامكنة الراحة، حيث لا وجع ولا ملامة بل نور وجه ا
لعلي. آثوس الجبل الذي حاوطته المياه من الثلاث جهات دون ان تغرقه. اصبع مريم المنغمس في بحر ايجيه. هو ببساطة فسحة امل اخرجها الله من تحت البحار، من حيث اساطير الاغريق، الى فوق كي يشهد الناس فيها للحق. ذلك الجبل هو قبلة قوم صاحبي. ليس موناكو ولا ما يشابه اي مكان من امكنة البشر بل انه انتمى الى مدائن الله التي لم تخرج كليا من الوحول او من المياه. وكان ان تذكر صاحبي كل فلسفة الاغريق وعلومهم وفنونهم التي جهّلها المسيح بمجيئه. وللحظة بانت عليه اطياف اوديسايوس. فخاطبه ظلي، قائلا: "لا، لا تحزن يا اوديسايوس على نفسك وامك وعلى اوغيمنون وسائر رفاقك بعد اليوم ممن سقطوا. لانّ الهنا قد اخرجكم من الفراغ. اخرجكم من سطوة الالهة ومكرهم. نعم لقد اخرجهم من حيل "كاليبسو" اله البحر اللعين وعروضه الفارغة. قدّس لهم بحر ايجيه. واضحت حروبكم بعد اليوم داخلية، ان ارادوا. وافاكم الناصري كي تحلّ الحقيقة مكان الاسطورة. كي يحلّ النور مكان الظلال. اطرب يا ارسطو. وانتعش يا افلاطون لانّ الزمن الحقيقة قد وافى. وها انّ اولادكم من بعدكم قد اهتدوا. فأدركوا ما لم تتمكون من ادراكه. ثمّ ارتفعت الصلوات في آثوس مع غروب الشمس عن عالم دفن بغالبيته الاله في الكنائس ودفن قيمه ونورانيته معه. ارتفعت الصلوات في فسحة الاحياء التي تضج مقابرها بالحياة. وعلت اصوات المباخر. اما صاحبي فقد وضب حقيبته عائدا الى عالمه لانّ ظلال الفردوس تبقى للقديسين ممن نذروا الطاعة والفقر والعفة على رجاء العودة في مناسبات اخرى. دير سيموناس باتراس (صخرة القديس سمعان) الجبل المقدس-اليونان

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق