الخميس، 15 مارس 2012

فرقة سيارة "جيجو"

فرقة سيارة "جيجو" بقلم مازن ح. عبّود ما كانت عربة "جيجو" معلما ميكانيكيا. كما انَ "جيجو" نفسه ما كان قائدا او زعيما او شخصية استثنائية . بل كان فتى كبر الصبيان بضع سنوات. وقد خرج لسوق العمل باكرا. اذ انه لم يكمل دراسته التكميلية. فكان ان ابتاع سيارة سرعان ما ترهلت فخرجت عن العمل بسبب ترهلها. فركنت عند السنديانة المحاذية للطريق المؤدي الى ذلك الحي المسمى بحيّ "الوادي". فأضحت تلك الماكينة مأوى للريح التي كانت ان رمت بمياهها تتلطى للحظات في داخلها، كي تستأنف مشوارها العاصف والطويل. واضحت كلاب الحي الشاردة وقططه تستكين في بعض مساحاتها. ولقد درجت العادة ان يأتي الى تلك الانقاض صبيان الحي ممن كانو يعملون على قلب حكم الكبار وتغيير عاداتهم. وكان بعض اولئك الصبيان يلجأ الى الشغب لتظهير نقمته. على غرار "مورو" الذي شغل خطف الدجاج الحيّز الاكبر من اهتماماته. فقد عرف عنه انه اسر عددا من دجاجات "نظيرة". وخنقها ثمّ رمى بها في وادي "النوس" العظيم. وما سلمت قطة العجوز ايضا من شره، اذ رمى بها من الاعالي. فلمّا بلغت الارض فقدت الذاكرة وما عادت تعرف اذا ما كان عليها النباح او المواء. وكل ذلك انما جرى انتقاما من تلك العجوز التي كانت تؤلب والده عليه، داعية اياه عند كل مناسبة الى انزال اشد العقوبات بالصبي. فكان ان اضحى الصبي معروفا لدى جميع مربي الدجاج بلقب "الصبي الواوي". واضحوا يهرعون لنطارة دجاجاتهم في كل مرة ادركوا طيف المزعجه او بلغهم خبر قدومه الى التخوم. وكان ل"مورو" رفاق على غرار "نيكول" الذي فاقه ارهابا وابداعا في الشغب، و"جوجو انيس" وغيرهم. ولكم عملت المجموعة على تعطيل الدروس في مدرسة المحلة في كل مرة اتت عاصفة، تحت ستار حماية الاولاد من العاصفة ومنع كسر ارجلهم جراء تراكم الثلوج. فقد عهدهم اهل تلك المحلة في تلك المناسبات يجولون في الاحياء، يدقون على التنك، مبلغين الرفاق والاهلين بصوت جهوري بانّ يتوجب الغاء الدروس حفاظا على السلامة العامة. والويل كل الويل، لمن تجرأ فكسر قرارهم، وقدم !!! لقد كانت المدرسة بالنسبة لهم سجنا كبيرا يحد من حريتهم، لكن مع بعض الاستثناءآت. فقد كانت "افدوكيا" معلمة العربي توكل اليهم تباعا احيانا مسؤولية تتبع طبختها، فتخصهم بنقاط جيدة في لغة الضاد اذا ما افلحوا في ذلك. الا انهم غالبا ما كانو يفلحون. كما كانوا مغرمين بانوثة وجمال معلمة الفرنسي، وخفة دم استاذ العلوم، لكن الغرام ما شمل موادهم. وكانوا في كل مرة ضجروا، يستنبطون وسائل تسلية تثير شكوكا وانزعاجا في تلك المدرسة وادارتها. وقدم الصوم ومعه "خميس الاسرار". وقد نصحهم الناظر بالاعتراف الى الكاهن والتوبة. فكانو ان قدموا الى الكنيسة للاعتراف للخوري "طنسى" عن خطاياهم. وابلغوا الكاهن الكهل بكل شيئ في المدرسة وباغتيالات الدجاج والكلاب والقطط الشاردة الى ان وصلوا الى واقعة سرقة عريشة"جرجورة". فكان ان انبرى "مورو"، قائلا: "نعم، لقد سرقنا عريشة"جرجورا" يا ابانا. ولمّا ادركنا احدهم اختبأنا تحت حافة الطريق حيث بوّل علينا "القنصل" العائد من قهوته. فردّ عليهم: "الله جازاكم. انّ "القنصل" رجل الله في هذه الحادثة". اذ انّ الخوري كان يكره جدا سرقة العنب. وكان ان استفسر عن زمان ومكان الواقعة. فصعق لمّا عرف بأنّ عريشته كانت الضحية. وماعاد يستطيع ان يتمالك نفسه، فصرخ بهم : " يا اولاد الافاعي، ويا قردة لم تلدهم امهاتهم. اذا كنتم قد اكلتم العريشة. فلما كسرتم "الطعم". وراح يركلهم برجليه اللتين تلعثمتا بالجبة بكل ما اعطي من قوة، صارخا : "من هيكل الرب العنكم، يا اولاد الافاعي. اهكذا تعتدون على رزق ابيكم الخوري، وتأتون اليه طالبين الاعتراف بكل عين (بلقة) !! ما هذا الجيل اللئيم، يا امنا مريم؟؟ اغربوا من امام وجهي كالشمع من قدام النار، يا آكلي العنب!! ". فكان ان جزعوا للغاية اذ ادركتهم لعنة خوري. وعادوا الى سيارة "جيجو" كي يتشاوروا في هذه المسألة المستجدة والخطرة. وكان ان بلغهم خبر سرقة "مار الياس"، فاقترح "نيكول" تشكيل فرقة للدفاع عن المقام. الا انّ "مورو" نصحهم بعدم التدخل وذلك لانّ القديس بكل جبروته واسلحته ومركبته النارية وقوته لم يفلح في رد المعتدين على مقامه، فكيف سيتمكنون هم من ذلك؟؟. قالها الصبي خوفا من الظلام في محيط الكنيسة. الا انهم عادوا فشكلوا دورية حماية تنطر المقام في وضح النهار لا للحماية انما لتحسين صورتهم ونزع اللعنة. لم تفلح اعمال النطارة بازالة لعنة الخوري. فكان ان اتخذ المجلس البلدي قرارا بازالة ركام السيارات. فازيلت سيارة "جيجو" التي استضافت حوارات فلسفية حول طبيعة "غرندايزر" ما بين الفتيان ومخططاتهم. وكان ان انفرط عقدهم. وكبروا وكبر كل شيئ معهم ما عدا قصصهم التي ما هرمت ابدا... عزيزي القارئ : " اذا ما رأيت يوما "جيجو" او "مورو" او "نيكول" او احد اولئك يلعب في مطارحك. فلا تزعجهم... لانهم يصنعون قصصا وحكايات. abboudma@gmail.com

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق