الأربعاء، 7 مارس 2012

مارون الذي عرفت

مارون الذي عرفت بقلم مازن عبّود اخاطبك يا عزيزي من غرفتي في فندق باريسي. وانا اشعر ببرد العاصمة الفرنسية يضربني حتى العظام يا اخي وصديقي الراحل. لست ادري اذا ما كان للحزن مفاعيل اقسى من الطبيعة القاسية في مثل هذا الفصل هنا اصلا. مارون ما كنت ارغب يا عزيزي ان اكتب عنك بل اليك، يا سيّدا، اتخذ اسم سيد. وقد فاقت قامته كل القامات التي عرفت. شهوة اشتهيتها ان اكون معك، حول نعشك، في يوم وداعك بالجسد يا صاح. الا انّ آلاف الكيلومترات بين بيروت وباريس تعيقني!! فتبا لحركة الطيران. وتبا للمسافات التي تفصلني عنك ايها العريس في يوم عيدك الكبير. لكن اطمئن، انّ الرب قد ابلغني يا صاح، انه سيهتم بك حتى في وادي الموت. وقد ارسل لك ملائكته كي تحملك الى مراع خضر حيث نور وجهه. ابلغت بترحالك برسالة SMS على شاشة آلة جامدة. بلغتني الرسالة ولم اكن بعد، قد عتّبت باب غرفتي. فلعنت الموت والفراق والمسافات. ثم اكتشفت وقتها لم كنت محتارا ليلة امس، اتأرجح ما بين البقاء والسفر الى مدينة بالزاك. نعم، عرفت لم كانت نفسي حزينة جدا قبيل سفري!! لقد احسست انّ شيئا ما سيحصل. واني سأخسر. وانا لا احب الخسارة. كنت ضائعا وقلبي منقبض. فعدت ادراجي الى البيت افتش عن اشيائي مرارا وانا في طريقي الى المطار. الا اني صراحة ما عرفت انك ستكون الخسارة وليس الاشياء!!! امارونا، لما ترحل اليوم، عشية عيد شفيعك ؟؟ اماذا تريد ان تقول، او ان يقول الله من خلالك؟؟ ايقول انك قد اصبحت الذكرى والعيد ايضا ؟؟ آه لا اعلم لم يمضي الصحاب على غفلة هكذا، كحلم في ليلة صيف ؟؟ تبا لك يا موت وسحقا لك يا جحيم؟؟ تبا لك كم انت غبي يا موت، لانك ما علمت انّ لمثل مارون ملكوت السماوات!! كيف لا وفتيلا مدخنا لم يطفئ !! كما انه لم يتكلم يوما على احد بالسؤ!! ما حسد سلطانا على ماله او جاهه البتة!! كان محبا وديعا يضج في صمته. فتخطت قامته حجم جسده الصغير. مارون رحلت، ولن يوجعك رأسك الصغير بعد اليوم بتاتا!! مارونا اراك سيدا من طينة مارون الراهب. زائر وافانا كي يقول ان كل متزوج يمكن ان يكون راهبا ايضا، اذا ما اعرف كيف يجاهد فيحفظ جسده وبيته وعائلته من الفساد. بانت عليك ثمار الروح يا صاح. ولن انسى ماذا قلت لعديلك وصديقك "مارسلينو" في غداء الوداع، لمّا حاول اي يغيظك، ممازحا في امر:" انك تعلم يا ريّس، اني لا احب ان ادين احدا. ولا اتكلم على احد بالسؤ مهما فعل معي؟؟". عزيزي مارون سأفتقدك جدا. سأفتقد ضحكتك وبراءتك ووداعتك كثيرا، كلما اتيت الى البترون. وانا ما اتيت الى مدينة النبيذ اصلا، ولا اقمت فيها لي مكتبا، الا كي احتسي من نبيذ صداقاتي فيها، فأتقوى. اعرف انك اليوم سعيد تطل علينا من فوق وانت فخور بما بنيت. اراك تدخل الى ديار رب القوات ممتنا، فتقول "ها انّ وزنتك يا معلمي، قد اضحت وزنات ...". مارونا، اضحت الصلاة لغة التواصل الوحيدة في ما بيننا. واني اعدك ان اكلمك كلما استطعت الى ذلك سبيلا. وليعزي الروح الحق امرأتك واولادك واهلك، وليشددهم في مصابهم الجلل. اخيرا، اقول للموت استتر ولا تنتفخ لانك لن تخيفننا، مهما فعلت. فالقيامة على الابواب. "قام المسيح وما من ميت في القبر". اقول للموت قد صعقت. صعقت لانك ما استطعت ان تقبض على روح مارون. لقد قام يسوع، حقا قام... باريس

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق