الجمعة، 14 مارس 2014

اسمه ديمتري






انتظرت طويلا، في ردهات المستشفى، وصولك يا حبيبي.  ولمّ اطللت يا حبيبي.  تطلّعت فيّ عميقا، ورمقتني بنظرة قبل ان تبكي بخفر.   وانت لم ترد ان تخرج بسهولة من حشا امك اصلا بشهادة طبيبك.   كان الطقس عاصفا وماطرا في الخارج.  كانت هذه المرة الاولى التي يزور الثلج فيها بلادنا منذ اشهر وذلك بالرغم من انّ الفصل شتاء.  خرجت من غرفة الولادة في عربة.  اقلتك ممرضة الى حيث يرتاح اطفال الدقائق والساعات الاولى بعد ان استكملوا مشوراهم من ومضة الى جنين ودخلوا بوابات العالم كرضّع. 

حملت آلة التصوير ورحت الاحقك. التقط لك ما استطعت من صور، كأني "باباراتزي" مجنون يلاحق اميرة.  اذ اني ما كنت قد ادركت وقتها بأني "بابا"  وليس "بابارتزي". 

علقت في عينيّ الدموع.  فحتى مجاريها اقفلت في تلك اللحظات، يا عزيزي.  وانا ما عرفت ما يتوجب عليّ قوله لك يا بنيّ.  سكنّ فيّ الصمت.  وخيّم عليّ يا بنيّ.  وصرت اصارع كي تنحلّ عقدة لساني التي ما انفكت الا تدريجيا بعد ساعات.  

كان فرحنا كبير بوصولك.  فقد ولد لنا انسان جديد في هذا العالم.  كنت صغيرا جدا الا انّ عينيّك كانتا كبيرتين جدا، وتتكلمان بما لا تعلمان يا حبيبي.  اذهلتاني تلك العينان مع شفتيك المقلوبتين ووجهك الذي راح يسطع بانوار طالما انتظرتها.  اضحى لي ابنا.  شعور غريب لا يعرفه الا من صار ابا.   ضممتك الى صدري مع امك وشعرت برغبة بالبكاء الا انّ الدموع خانتني مجددا.  وصرت اعزل من كل الوسائل يا طفلي.  فعندما ينسحر البشر ويندهشون. يخطفهم الذهول.   والذهول صمت واستكانة وتأمل يا ولدي.  استرحت لوقت قليل كأني خارج من مخاض او حرب ضروس.  فالمشاعر القوية تفرحني وتنهكني.   كنت سكرانا.  كنت غارقا في نشوة غريبة.   وانا ما احتسيت الخمر ولا قاربت حشيش الكيف البتة.  اتكون انت من سقاني مشروبا من نوع آخر يا ولدي. 

ولد لنا طفل.  وسأتلو عليه يوما من قصص جدي "حبقوق" وخالي "انطون" وجداتي "رمزا" و"ايفا" و"سلوى" و"سارة" الشيئ الكثير.

وسانتفض كعنزة من عنوزية كي أقول:

"انا عنزة من عنوزية            وقرني من حدودية

ويلي اكلي وليداتي              يلاقيني عالبرية". 

آه يا ولدي، كيف تتغيّر الادوار!! فمن كان طفلا في الامس، يدمن على القصص والخيالات، اضحى اليوم ابا يقدم لوالده ما توفر اليه منها.  لكن ماذا اقدم اليك يا طفلي؟؟  سأقدم لك قلبي وعمري وحياتي كلها يا حبيبي.  وسأكون الى جانب امك في انضاجك وثقلك كي تكبر فتؤدي ما رسم لك ان تؤدي من ادوار.  كبرت التحديات يا ولدي.  وانت التحدي والمشروع الاكبر!! نم يا صغيرا ولا تخف.  فالملائكة ستنطرك وتحميك.  ولنا آباء واخوة تصلي لنا.  وعندما تستفيق ستجد بالقرب منك حتما اما جميلة تغني لك اغنية نظمتها لاجلك وحدك.  ستفرح بوالدك ينظر اليك بحنان.  وستعشق جدتك التي ترعاك.  وستسر حتما بجدك وعمك وعماتك وخالاتك واخوالك واولادهم.  اطرب لانّ الربّ شاء ان يكون لك بيتا حصينا وعائلة محبة. 

ربي اشكرك على عطيتك.  اشكرك على الام والطفل وكل شيئ.   وليكن ابني الصغير على صورتك يا الاهي. 

 

بمناسبة ولادة بكري ديمتري في 13-3-2014




ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق