الاثنين، 1 نوفمبر 2010

كيريل في كرسي كوارتز





كيريل في كرسي كوارتز

بقلم مازن ح. عبّود


في حيثيات الزيارة ورمزية الزائر


يصل اليوم الى لبنان زائرا، كيريل بطريرك موسكو وكل روسيا، وذلك في اطار جولة بروتوكولية يقوم بها كل بطريرك اورثوذكسي منصّب حديثا على اخوته بطاركة الكنائس الاوروثوذكسية في العالم. يصل كي يزور كنائس الجدة انطاكيا التي ولدت الام القسطنطينية التي تفرعت كنيسته عنها، ابنة ابية ومستقلة ومساوية لها في العزة والكرامة.
يصل شيخ روسيا الروحاني كيريل حاملا في عباءته عبق تاريخ الامبرطورية الروسية الضاربة في الاورثوذكسية والقداسة.

يوافينا حبر السلاف معتمرا قبة الكرملين ومتشحا برداء الثلج والنقاء والقداسة الابيض. لما لا وهو يمثل بموقعه القمقم الذي حوى روح روسيا العظيمة التي ترقد ولاتموت ابدا.

يأتي البطريرك من بلاد الاباطرة والدببة والقديسين المتبالهين، وكله رجاء. يوافي من ارض سيرافيم سيروفسكي ، ودماء الشهادة تجري في عروقه.

كيف لا ودماء اسلافه ورعاياه لم تنشف بعد في اضرحتها.
كلنا سنوافي للقياه في كاتدرائية القديس جاورجيوس في بيروت.
فلبلاده وكنيسته اياد بيضاء على انطاكيا واورشليم القدس ومسيحي المشرق. نعم فمدارس مدائننا وكنائسها مازالت تشهد لهم.
انه سحر الكراملين وقداس تشيكوفسكي وكلمات لويستوي عندنا.
انه مجد روسيا العظيمة في ارضنا.
اراه يأتينا كي يقول برمزيته في زيارته القصيرة انّ الكنائس بطبيعتها الارضية قد ترقد او تفسد، الا انها تعود فتقوم، لانّ المسيح في وسطها.

اراه يقول لنا لا تستسلموا لليأس لانه من الشرير، اصبروا، واسلكوا الباب الضيق.


يأتينا ركن كنيسة القديس فلاديمير، مزدانا بالنور والرجاء. كيف لا وكنيسته قد غلبت الخوف والالحاد والالغاء، وهدمت اسوار امبرطورية لينين الفولاذية وامخالها الدهرية!!!
نفرح به وله، لانّ ارضه قد عادت الى هويتها مسدلة الى غير رجعة ستار الالحاد والغبن والالغاء. نحتفي به رمزا للتحرر والعودة الى الاصالة في ما بيننا. ونحبس انفاسنا عند لقاء عميد كلية لاهوت سانت بيترسبورغ السابق واحد اهم لاهوتيي الكنيسة الروسية المعاصرة.
يوافي كيريل اليوم زائرا الى كرسي كوارتس (تلميذ بولس الرسول ومؤسس كرسي بيروت)، فيستقبله المطران الياس- رئيس اساقفة بيروت محاطا بلفيف احبار البلد. يأتي كي يحتفي بالقداس الالهي معنا في اقدم موقع ديني في قلب ام الشرائع وعاصمة مدائن فينيقيا ولؤلؤة جبل اللبان.


سيرة البطريرك كيريل في كلمات
• ولد فلاديمير غونديايف (البطريرك كيريل) في مدينة سانت بطرسبورغ في 20 تشرين الثاني من العام 1946، في عائلة كهنوتية.
• درس الجيولوجيا بداية ومن ثمّ اللاهوت، فتخرج من أكاديمية سانت بطرسبورغ في عام 1970 .
• سيم شماساً عام 1969 وكاهناً عام 1970.
• في عام 1972 رقي إلى درجة ارشمندريت، ومثل بطريركية موسكو وكل روسيا في مجلس الكنائس العالمي في جنبف حتى 1974.
• سيم مطراناً في 14 آذار مارس 1976 على فيبورغ Vyborg التابعة لأبرشية لينينغراد.
• رقي في العام 1991 إلى رتبة متروبوليت.
• شغل ابتداء من العام 1989 منصب رئيس دائرة العلاقات مع الكنائس الخارجية في بطريركية موسكو.
• اختير في 27 كانون الثاني 2009 بطريركا لروسيا ونصب في أول شباط من العام 2009.
• اشتهر بمساعيه النبيلة التي هدفت الى اعادة اللحمة الى الكنيسة الروسية التي فقدت كنائسها في الغرب في العام 1970.

عرف البطريرك كيريل بكونه شخصية محافظة كنسيا، كما بوصفه من اقرب المقربين الى البطريرك السابق اليكسي حيث اغمي عليه في مراسم جنازته.
وهو خليفة بطرس الاول (اول رئيس اساقفة لموسكو)، وأول بطريرك روسي معاصر تمت مراسم تنصيبه في كاتدرائية المخلص (بعد الثورة البولشيفية) بحضور رأس الدولة الروسية الذي يعتبر انّ البطريركية الروسية هي ضرورة لانها تشكل جسر تواصل حقيقي ما بين روسيا الحالية ودول الامبرطورية الروسية سابقا واصدقائها من الشعوب في كل اصقاع العالم.


في تاريخ بطريركية موسكو وعموم روسيا

هذا ويعتبر كيريل زعيم الكنيسة الاورثوذكسية الاكبر في العالم، حيث يبلغ عدد رعاياها الماية وخمس وعشرين مؤمنا. وكنيسته تضم بالاضافة الى ابرشيات الاتحاد الروسي، ابرشيات دول روسيا البيضاء واوكرانيا وكازخستان وغيرها من دول الاتحاد السوفياتي السابق والكنائس الروسية في الخارج (امريكا، اوروبا الغربية، اوستراليا، بريطانيا، الصين، كنيسة اليابان المستقلة). وتتبع كنيسته التقويم اليولياني في ممارسة شعائرها وتحديد اعيادها.
وكيريل هو البطريرك السادس عشر لكنيسة اشتهرت بتداخلها مع السلطة الحاكمة في روسيا حتى زمن البولشيف، حيث تعرضت الكنيسة للتنكيل والاضطهاد.

وتجدر الاشارة الى انّ روسيا قد تنصرت في القرن العاشر على يد امير كييف- القديس فلاديمير، وبمؤآزرة فوتيوس رئيس اساقفة القسطنطينية. وقد قيل يومها انّ الامير انشده، بما بلغه من سحر وجمال الطقوس البيزنطية في كنيسة الحكمة الالهية.


في العام 1589 ويعد سقوط القسطنطينية،اعتبر الروس موسكو روما الثالثة وآخر حصن للعقيدة الاروثوذكسية الحقة. وانتزع رئيس الكنيسة الروسية اعتراف بطاركة الكنائس الشرقية به كبطريركا فأضحى البطريرك الخامس في نادي بطاركة القسطنطينية وانطاكيا والاسكندرية واروشليم .
واضحى رئيس اساقفة موسكو جوب اول بطريرك لروسيا يومها.
الا انّ بطرس الاكبر بادر الى الغاء الموقع في العام 1721 بعد ان تسببت إصلاحات البطريرك نيكيتا مينن (1605- 1681) بانقسام في جسم الكنيسة الروسية، وجعل القيصربطرس من الكنيسة مؤسسة من مؤسسات الدولة يدير شؤونها مجلس للأساقفة.
هذا ولم يتم اعادة تكوين الموقع الا في العام 1917، اي عندما احسّ القيصر نقولا الثاني بضرورة اعادة تكوين موقع البطريرك وذلك لضمان استقرار عرشه.
وكان ان نصب القديس الشهيد تيخن بطريركا على موسكو وعموم روسيا، قبل شهرين من تاريخ اندلاع الثورة البولشيفية. عرف البطريرك تيخن بنضالاته من اجل كنيسته ضد النظام الشيوعي.
وكان ان رقد في 12 نيسان من العام 1925 (مقتولا بأمر من السلطات) بعد اضطهادات كثيرة له ولاحبار كنيسته.
اعلن المجمع المقدس للكنيسة الروسية قداسته في 11 تشرين الاول من العام 1989 في عهد البطريرك بيمن. فشكل حدث اعلان قداسة تيخن منعطفا في تاريخ العلاقة ما بين الدولة والكنيسة في الاتحاد السوفياتي، ومؤشرا واضحا حول امكانية الانبعاث الكلي للكنيسة.
وهذا ما حصل فعلا في العام 1991(بعد سقوط الاتحاد السوفياتي) في عهد البطريرك الكسي الثاني.


هذا وعلى اثر استشهاد تيخون، بقي موقع بطريرك موسكو وسائر روسيا شاغرا حتى العام 1943 (عشية اندلاع الحرب العالمية الثانية). فقد احسّ ستالين في ذلك العام بضرورة اعادة ملئ هذا الموقع معنويا بغية استنهاض الامة الروسية للحرب. ونصب سرجيوس الاول-رئيس اساقفة موسكو، بطريركا لموسكو وعموم روسيا.
في الآمال والاقوال


يوافي كيريل اليوم الينا ونحن نتطلع اليه ملتمسين من قداسته العمل على اعادة تعزيز التعاون ما بين الكنائس الاورثوذكسية في العالم. ننتطلع اليه بوقار سائلين قداسته، وهو زعيم الكنيسة الاكبر ما بين كنائسنا، ان يوثق تعاونه مع البطريركية المسكونية وسائر البطريركيات كي يرفع الغبن والحرمان والظلم عن كثير من كنائسنا. واننا نفرح به مع بطريركنا اغناطيوس رمزا تاريخيا لحقبة ذهبية في تاريخنا كمسيحيين مشرقيين. ونأمل ان يتمكن مع بطريركنا وسائر اخوته وفي مقدمهم بطريرك القسطنطينية برثلماوس على تقريب المسافات مع روما.


نستقبله وكلنا ثقة بأنّ كنيسته العظيمة قد انبثقت ابنة جديدة وحرة ومستقلة لروسيا تنظر الى شعبها وتمثل تطلعاته امام الحكام. نستقبله ونردد معه ما قاله في كتابه "الحرية والمسؤولية" :" انّ للمؤمن حق في ان يكون له فسحة في مجتمعنا الليبرالي المعاصر. فسحة تمكنه من العيش بحرية في ضؤ وصايا الله وتعاليم الكنيسة. لانّ الله لم يخلق الكنيسة للاستخدامات المنزلية، لا بل كي تكون حاضرة ليس فقط في حياة رجال الدين لا بل في حياة الناس اليومية المعاصرة".

هناك تعليق واحد: