الأحد، 22 يناير 2012

في ماري والطفل والمغارة

قالت انها ابصرت السيد قبيل مخاضها الاخير. وابلغت ايضا بأنه اراها دنياه ومملكته التي طالما حلمت ان تذهب اليها. فكان ان فرحت جدا، اذ ادركت حيث ستستقر وتستريح. لقد كانت "ماري" من آل "روحانا". فكان ان غذّت الروح وكافحت "الانا". وكان نتاجها من كرمة الرب بنينا وبنات واحفاد نعتزّ جميعا بهم. اما انا فقد عرفت "ماري" منذ طفولتي في مشوار نسكي دائم. ادركتها تهوم على وجهها في براري عالمنا بحثا عن سيدها، وسيدها الحقيقي كان يسوع. والبراري كانت بلدتنا، وكل مكان عاشت فيه. ادركتها مثالا لنا نحن الاولاد، تحفزنا على عمل الخير وتبعدنا عن المنكر. عرفت كنيسة دوما "ماري" امرأة محتشمة تستر رأسها، اذا ما قاربت القرابين. وتنتصب مصلية كشمعة، اذا ما قابلت ايقونة في كنيسة. حفظت لسانها عن الشر وجعلت منزلها صومعة. ما تذمّرت يوما من مصاب والم. وكنت في كل مرة اعاودها مؤخرا، اراها توزع المعنويات على اهل الدار. وتبلغهم بانّ ما حصل لها انما جرى لخلاصها. ما غابت ابتسامة الرضى عن وجهها حتى في احلك ظروفها واقساها. "ماري" المربية والمراة اللائقة في ميراسها وسيرتها ترحل اليوم عنّا الى المغارة الحقيقية للميلاد حيث تعاين العريس الذي قبل الدهور. ترحل عنّا بالجسد وروحها حاضرة في قداديسنا وصلواتنا. نعم لن انفك اراك تتأملين في ايقونة العذراء تتمتمين لها سائلة اياها الرحمة والبركات لسوزي وايلي ونقولا وسهى والمختصين بهم. كما اني لن انفك القي عليك النظرات فادركك تنظرين الى فوق الى حيث الصلب والقيامة والنور. ترحلين الى هناك، يا انجيلا حيا تممت غالبية فصوله، بصحبة المجوس محملة بهدايا الفضائل. تمضين الى حيث طفل الميلاد فتسجدين له حاملة اليه لبان صبرك وذهب وداعتك وطيب محبتك. اراك ترددين :"ما اجمل ديارك يا رب القوات وما اروع مغارتك!!". اراك اليوم يا سيدتي تنخطفين مع اجواق ملائكة التسبيح. فتتأملين في سكون صمتك العظيم سر التجسد. واراك تقولين :"لولا التجسد لما كان الموت والقيامة. ولما كنت انا اليوم هنا!!!". اراك توصين ابناءك واحفادك ان يصلوا لخلاصهم باءستمرار. اراك تتسلحين بابتسامة الرضى. لما لا وقد جعلت من بيتك على قدر ما استطعت مغارة ارضية. مازن عبّود في وداع المربية ماري ريحانا ناصيف في زمن الميلاد (2011).

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق