الخميس، 30 يناير 2014

طارق الباب


طحشت "رورو" لتناول القرابين في كنيسة الحارة التحتا من كفرنسيان.  ضاع الخوري "جريس" لمّ صادفها.  فقد كان يضيف على كل اسم متقدم  للقربان "اوس" ويتلو الاسم جهارا، الا اسماء النساء.  ومعه مثلا جورج يصبح جاورجيوس ونجيب نجيباوس.  اما النوس فيصبح نوساوس.  وذلك كي تكون الاسماء اكثر تلائما مع لغة الليتورجيا الكنسية.  كيف لا والناس تصبح مقدسة حين تدخل الكنيسة!!!  فللقداسة لغتها التي يتقنها اهل القداسة والورع.  كان الدين بالنسبة الى اهل "كفرنسيان" طقوسا. 

عدم اضافة "اوس" الى اسماء النساء مهما علا شأنهنّ، احزن "رورو" وجعلها تفكر مليّا في يونانية الخوري "جريس" وفي النساء وادوارهنّ في الكنيسة.  لعنت اللغات،  وما اكثرها واغناها في كفرنسيان!!  وقد راج العصفوري الذي شيّعته هي ويوناني الخوري "جريس" بالاضافة الى "البيروتي".   فلكل مقام مقال في تلك الضيعة المغمورة ولكل حيّ من احياء كفرنسيان المحفوظة من الله لكنة وشفيع وكنيسة.  وقد كان كهنة تلك القرية يتحابون في العلن ويقبلون لحى بعضهم البعض دون ان يعني ذلك شيئا.  حتى انّ بعض امهاتهم كنّ يتسابقن على ارضاء رؤساء الكهنة، اذا ما شعرن انّ الدنيا قد مالت الى الانتخابات في المجمع المقدس.  فالناس تتناسى وجهة المسير في غالب الاحيان.

راح "برهوم" يتأمل في كل ذلك.  وقد تألم لانّ في قريته وعظ كثير وكلام كبير وزغل مخيف.  كان الرجل يهيم باحثا عن نماذج حية لاناس قررت ان تتقدس كي يقتدي بها لكنه لم يجد الا قلة.  وذلك على الرغم من انه قد عاش في كفرنسيان كهنة ورؤساء كهنة كثر.   

سرّ "برهوم" كثيرا لمّ تذكر الخوري "يوئيل" الذي ما امتلك الا شبه جبة واحدة وصليبا خشبيا.  وقد عرف عنه انه، في سنواته الاخيرة،  كان يسأل ربه دوما الرحيل من غربة "كفرنسيان" الى الديار.  وقد نقل عنه ايضا انه كان في كل مرة كان يقف امام ابواب الفردوس، ويقرع.  وكان يسأل عن اسمه.  فكان يجيب "انا الحقير في الخوارنة يوئيل، خوري الحي الفوقاني في "كفرنسيان".   يا رب افتح لي".  ويقال بانه كان يطلب اليه ان يعود الى "كفرنسيان" كي يستكمل مشوار الارتقاء.  حتى اجاب يوما البوّاب، قائلا: "انا انت، يا ربي والهي".   ففتحت له البوابات.  ودخل الى حيث الكل يشتهي ان يقيم.  فالبشر لا يقيمون مع الله الا عندما يصبحون آلهة.  فيصيرون هم هو، وهو هم.  

كان الخوري "يوئيل" ومضة ما عاد يتذكرها الكثير في كفرنسيان الذين تشاجروا حول الاساقفة وكهنتهم.  الا انه كان ذاك الطارق من "كفرنسيان" الذي فتحت له ابواب الفردوس.  

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق